الدكروري يكتب عن وفاء الكلب للإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن من واجب العالم كله ولا محيص لهم عن ذلك أن يجعل عظمة النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في الخلق جميعا فوق كل عظمة، وفضله فوق كل فضل، وتقديره أكبر من كل تقدير، وقداسته أسمى من كل قداسة، ولو لم يكن له من مزيدات نبوته وأدلة رسالته إلا سيرته المطهرة وتشريعه الخالد لكانا كافيين لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ويحكى أنه كان هناك أحد الحطابين يعيش في كوخ صغير، ويعيش معه طفله الصغير وكلبه الوفي، وكان هذا الحطاب معتادا على الخروج لجمع الحطب كل يوم مع شروق الشمس، وكان يترك طفله الصغير في رعاية الله، ثم حراسة الكلب الخاص به، وكان الحطاب يحب هذا الكلب كثيرا ويثق به، كما كان الكلب يحبه أيضا ويفي له دائما، فخرج الحطاب ذات يوم حتى يجمع الحطب كعادته.
وبينما هو عائد في طريقه سمع الكلب وهو يصيح وينبح نباحا عاليا على غير عادته، فأسرع الحطاب في المشي وعاد سريعا حتى اقترب من الكلب، والذي كان ينبح بطريقة غريبة وكان وجهه ملطخا بالدماء، شعر الحطاب بالذهول وأيقن أن الكلب قد قام بخيانته، وأنه قد قضى على الطفل الصغير وقام بأكله، انتزع الحطاب الفأس الخاص به من على ظهره، وضرب الكلب بين عينيه ضربة واحدة، وقضى عليه، ثم دخل الرجل إلى الكوخ، وبمجرد دخوله تسمر بمكانه، وامتلأت عيناه بالدموع وشعر بالحزن الشديد، جثى على ركبتيه، حيث رأى أن طفله الصغير يلهو ويلعب على السرير، وبجانبه حيّة ضخمة ملطخة بدمائها، وعرف وقتها الحطاب أن الكلب كان وفيا له وأنه قد افتداه وطفله الصغير بحياته، ثم ندم على تسرعه، وحزن على قتله لهذا الكلب الوفي.
الذي كان ينبح فرحا على أنه قد أنقذ الصغير من الأفعى، وكان ينتظر من الحطاب أن يفرح بما فعله ويشكره، ولكنه قتله بدون تفكير أو تروي، وكما أنه يُحكى أنه في يوم من الأيام كان هناك رجلا عجوزا يسير في الشارع مسرعا، وبسبب أنه كان على عجلة من أمره قام بالاصطدام مع دراجة أحد الأطفال الصغار، فعندما اصطدم العجوز بالدراجة وقع الأرض، قام بعض المارة برؤيته ونقلوه إلى المستشفى حتى يطمئنوا على صحته، قام الطبيب بفحص الرجل العجوز، وبينما هو كذلك، رأى أن العجوز يبدو عليه التوتر والاستعجال، ويريد أن يذهب مسرعا، فتعجب الطبيب من أمر العجوز، وابتسم من فعله وسأله عن السبب الذي يجعله يشعر بالعجلة من أمره، أخبره الرجل العجوز أنه يريد أن يذهب إلى زوجته، حتى يلحق وجبة الغداء معها في دار المسنين.
وأخبره الطبيب بأنه يمكنه أن يتصل بها، ويعتذر منها على عدم لحاقه للغداء معها، ويخبرها بما حدث معه، وأنه سوف يتأخر بعض الوقت، قال له الرجل العجوز أن زوجته مريضة منذ زمن طويل، وأن هذا المرض قد نشأ عنه فقد في الذاكرة، مما جعلها لا تتذكر أي شيء ولا تعرفه هو نفسه، اندهش الطبيب من كلام الرجل العجوز، وقال له هي لا تذكرك، ولا تعرف من تكون، فلماذا إذن تقوم بالذهاب إليها ومجالستها؟ قال الرجل العجوز للطبيب نعم هي لا تذكرني ولا تعرف من أنا، ولكن ألا يكفي أنني أذكرها وأعرف من هي؟ ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأجود الناس، لم يمنع يوما أحدا شيئا سأله إياه، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر فهو سيد الأجواد على الإطلاق، أعطى غنما بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة.