المقالاتشريط الاخبار

الدكروري يكتب عن الزراعة في الدولة الأموية

الدكروري يكتب عن الزراعة في الدولة الأموية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد ذكرت المصادر التاريخية أن في عهد الدولة الأموية قد قام الحجاج بن يوسف في العراق بعمل التحديث الزراعي وشق الترع والأنهار وإثامة الجسور والطرق، وحرصوا على ألا يبور أي جزء من الأرض الصالحة للزراعة، ليس هذا فقط بل عمدوا إلى المرتفعات والسفوح والجبال التي ما كان أحد يظن أنه يمكن الاستفادة منها في الزراعة لجفافها الدائم، فعمّروها، وأنشؤوا عددا كبيرا من الطرق، وعنوا بصيانتها، وأقاموا الجسور حول الأنهار لمنع فيضانها، حتى كان الأمراء والقواد يقومون بالإشراف عليها بأنفسهم، كما عرفوا أيضا تأثير المناخ على النباتات، ففي كتاب فرائد الملاحة يقول مؤلفه عن البنفسج والضباب إذا دام عليه يوما وليلة دبله، البرد الشديد يفسده فسادا لا صلاح بعده.

والرعد المتتابع يوهنه، ووقوع الدخان ربما أفسده، وعرفوا بعض الطرق المساعدة على سرعة نمو النبات مثْلما يعرف الآن بالمخصبات، ويقول ابن وحشية إن خير وسيلة للإسراع بنموها هو أن تغمس البذور أو أطراف الأقلام في الزيت، وبحثوا في طبيعة الأراضي، وتكوين التربة، ونظروا في كيفية تكوين الأمطار وأهمية الرياح لسيرها، وفائدة الجبال وأثرها في توزيع الأمطار على شتى مناحي الكرة الأرضية، واعتنوا بتسميد الأراضي عناية كبيرة، بعد أن عرفوا السماد الصالح لكل نوع من النبات، فزاد محصول الأرض تبعا لذلك زيادة واضحة، وعرفوا التلقيح، وكذلك عرفوا نظام التطعيم لبعض الأشجار، واستخرجوا أصنافا جديدة، وأهم من ذلك كله أن أمراءهم حاولوا قدر الإمكان رفع العبء عن الزارع

حيث رفضوا جباية الخراج على الأراضي إلا بعد مسحها إحقاقا للعدل، وأن يراعى ما تحتمله الأرض من غير حيف بمالك ولا إجحاف بزارع، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول اتقوا الله في الفلاحين، لا تقتلوهم إلا أن ينصبوا لكم الحرب، وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يكتب إلى عامله عبدالملك بن عمير “لا تضربن رجلا سوطا في جباية درهم، ولا تبيعن لهم رزقا، ولا كسوة شتاء، ولا صيف ولا دابة ولا تقيمن رجلا في طلب درهم، فقال عبدالملك يا أمير المؤمنين، إذا أرجع إليك كما ذهبت من عندك، فقال وإن رجعت كما ذهبت، ويحك إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو” وهذا زياد ابن أبيه يكتب إلى بعض عُمّاله أن أحسنوا إلى الفلاحين، فإنكم لا تزالون سمانا ما سمنوا.

ولما ماطل بعض الفلاحين أو أصحاب الأراضي في سداد الخراج في عهد العباسيين، وأراد بعض الأمراء تعذيبهم حتى يجبروهم على سداده، شاور الخليفة المهدي محمد بن مسلم، فقال يا أمير المؤمنين، هذا موقف له ما بعده وهم غرماء المسلمين، فالواجب أن يطالبوا مطالبة الغرماء، فتقدم إلى أبي عبيد الكاتب بالكتاب إلى جميع العمال برفع العذاب عن أهل الخراج، وكان كثير من أمراء المسلمين فيما بعد يسلفون الفلاحين لينفقوا على زروعهم دون مقابل تشجيعا لهم على الزراعة، وكان الأمراء يوصون الجند الذين يذهبون للجهاد بعدم التعرض للفلاحين أيا كانت ديانتهم، فهذا أحد الخلفاء العباسين ينصح قائده أثناء سيره بالجيش أن يمنع الجند أن يتخطوا الزروع، وأن يطأها أحد منهم بدابته، ويجعلها طريقه في مقصده، وألا يأخذوا من أهلها الأتبان إلا بأثمان ورضا أصحابها.

الدكروري يكتب عن الزراعة في الدولة الأموية

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار