الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لاند له ولا شبيه ولا كفء ولا مثل ولانظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحة للعالمين وحجة على العباد أجمعين وصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ما ذكره الذاكرون الأبرار وما تعاقب الليل والنهار فهو صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام فصلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ثم اما بعد إن للسخرية من الناس أشكال عديدة، وأنواع كثيرة، كلها تدل على نقص في الإيمان وضعف في الدين وسخافة عقل وسوء خلق.
ومن ذلكم هو الإستهزاء بأهل الفضل والخير من المؤمنين والمؤمنات، ولا يستهزئ بأهل الفضل ويسخر منهم إلا مريض القلب عديم الإيمان، وقد بين الله تعالى أن السخرية من المؤمنين صفة من صفات المنافقين، ويبين ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي مسعود، قال “لما أمرنا بالصدقة كنا نحامل، أي نتكلف الحمل على ظهورنا بالأجرة لنكتسب ما نتصدق به فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رئاء، فنزلت الآية الكريمة من سورة التوبة “الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات، والذين لا يجدون إلا جهدهم” وقال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية وهذه أيضا من صفات المنافقين.
ألا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا هذا مُراء، وإن جاء بشيء يسير قالوا إن الله لغني عن صدقة هذا، وقيل أنه كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه دقيق الساقين وقد خرج في أحد الأيام يجتنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من الآراك وكانت الرياح تكفؤه بسبب دقة ساقيه فضحك القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي في يده لهما أثقل في الميزان من أحد” وهذا كاتب ساخر يهزأ بأبي ذر الغفاري رضي الله عنه فيقول عادل إمام مثل أبي ذر الغفاري يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده، وهكذا يشبه رمز من رموز العفن الفني وأصحاب السقوط الأخلاقي وسفلة الناس بأصحاب رسول الله الأبرار الأطهار ؟
وقال الله تعالى في سورة الكهف ” ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا” وقد ذكر العلماء أن الإستهزاء بآيات الله وشرعه من أشد أنواع التكذيب، فقال تعالى في سورة الصافات “بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون” وإن الإستهزاء بتحكيم الشريعة الإسلامية ووصمها بأنها شريعة الرجعيين والأصوليين، وأن فيها وحشية، إذ كيف تقطع يد السارق ويتم رجم الزاني المحصن، وفي هذا يقول الداعية الموفق المسدد الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله هذا من أعظم طعن بجناب الله العظيم وإلحاد في أسمائه، وتفضيل لخططهم وآرائهم على حكم الله ومراده، ففي قولهم هذا إنكار لعلمه الواسع المحيط بكل شئ وتنديد بحكمته ورحمته.
فلم يجعلوا الله عليما بما يصلح أحوال الناس في كل عصر ولا حكيما يشرع لهم ما يصلح أحوالهم، بل تمادى ورثة المنافقين في هذا الزمان فزعموا أن أحكام الله في شرعه قاسية لا تناسب الإنسانية وهذا يقتضي أن الله ليس رحيما لأن شريعته مبنية على القسوة والخمول لا على الحكمة والرحمة، فقد إرتكسوا في أبشع دركات النفاق غاية الإرتكاس.
الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين