العندليب الأسمر مطرب الأجيال
كتب : اسلام منصور
العندليب الأسمر: أسطورة عبد الحليم حافظ الخالدة

عبد الحليم علي إسماعيل شبانة، المعروف باسم عبد الحليم حافظ، ليس مجرد مطرب، بل هو قصة شعب وذاكرة أمة.
ولد “العندليب الأسمر” في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية في 21 يونيو 1929، وبدأت حياته بظل من الحزن؛
ففي الواقع، فقد والدته بعد ولادته بأيام قليلة، وتوفي والده قبل أن يكمل عامه الأول، ومن ثم، نشأ يتيما مكفولا على يد خاله.
هذه النشأة القاسية ربما كانت البذرة التي نبت منها إحساسه المرهف وعاطفته الجياشة التي أسرت قلوب الملايين لاحقا.
بعد ذلك، انتقل حليم إلى القاهرة والتحق بالمعهد العالي للموسيقى العربية عام 1943،
وعلى الرغم من أنه تخرج من قسم الآلات كعازف على آلة “الأبوا” عام 1948، إلا أن حبه للغناء كان أقوى.
بداية مسيرته الفنية:

وبالتالي، بدأ مسيرته الفنية الحقيقية بعد اعتماده مطربا في الإذاعة المصرية عام 1952،
حيث أطلق أغنيته الأولى “صافيني مرة” بالتعاون مع الملحن محمد الموجي والشاعر سمير محجوب.
إلا أن الشهرة الحقيقية بدأت تتصاعد بمرور الوقت، خصوصا بعدما ارتبط اسمه بالإذاعي حافظ عبد الوهاب،
الذي أطلق عليه لقب “حافظ”، ليصبح هذا الاسم علامة فارقة في تاريخ الفن العربي.
تجربة التمثيل بنجاح باهر:

وفي سياق متصل، لم يقتصر إبداع العندليب على الغناء فحسب، بل خاض تجربة التمثيل بنجاح باهر،
حيث قدم 16 فيلما سينمائيا، شكلت علامات مضيئة في تاريخ السينما المصرية،
مثل “أيامنا الحلوة”، و”شارع الحب”، و”الوسادة الخالية”، و”أبي فوق الشجرة”،
والتي بالإضافة إلى كونها أفلاما رومانسية ناجحة، كانت غالبا امتدادا لأغانيه وتعبيرا عن ذاته الفنية.
مطرب الثورة:

علاوة على ذلك، امتاز عبد الحليم بكونه “مطرب الثورة”، إذ قدم العديد من الأغاني الوطنية الخالدة
التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بأحداث مصر والوجدان العربي، مما جعله رمزا ثقافيا واجتماعيا يترجم
أحاسيس الجماهير في لحظات الفرح والثورة والانكسار والانتصار. ومن ناحية أخرى،
كان يتمتع بصوت حنون، وأداء صادق، وثقافة موسيقية عالية، مما سهل عليه اختيار
الكلمات والألحان المناسبة لشخصيته ولون غنائه الخاص الذي أطلق عليه “أنا لون”.
حياة حليم محفوفة بالمعاناة الصحية:

ومع ذلك، كانت حياة حليم محفوفة بالمعاناة الصحية بسبب إصابته بمرض البلهارسيا في طفولته،
والذي تسبب في مضاعفات كبدية خطيرة.
وفي الختام، توفي عبد الحليم حافظ في 30 مارس 1977 في لندن عن عمر يناهز السابعة والأربعين.
كانت جنازته حدثا مهيبا، مما يدل على مدى الحب والتعلق الذي حظي به في قلوب الملايين.
وبالرغم من رحيله المبكر، فإن أغانيه وتراثه الفني الذي يضم أكثر من 230 أغنية ما زال حيًا،
ليثبت أن “العندليب الأسمر” هو أسطورة تأبى الرحيل.

