المؤمن لا يكون يائسا قانطا
المؤمن لا يكون يائسا قانطا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 21 سبتمبر 2024
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد لقد أمرنا الله عز وجل بالصبر، فإن الصبر جواد لا يكبو وصارم لا ينبو وجند لا يهزم، وحصن لا يهدم، فالنصر معه ، والفرج نهايته، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد، إنه الصبر الذي أمر الله تعالي به، وبالصبر والتقوى علق الله النصر على الأعداء وجعله وقاية من كيد كل ظالم، فإنه الصبرعبادة الضراء، وعدة المسلم حين نزول البلاء، وزاد المؤمن حين وقوع الإبتلاء، عن الطاقة المدخرة في السراء، والحبل المتين في الضراء، الصبر تبدو مرارته ظاهرا.
ويصعب الإستشفاء به عند الضعفاء، لكن مرارته تغدو حلاوة مستقبلا، ويأنس به رفيقا الأقوياء النبلاء، فإننا نعيش في عصر الفتن والإضطرابات وكثرة المشاكل، والتي تجعل الحليم حيران، وقد تؤدي ببعض الناس إلى اليأس والقنوط لعدم تحملهم لهذه الأحداث، واليأس والقنوط معناهما واحد، ولقد ذكرهما الله سبحانه وتعالى لينفر الناس منهما لأنهما من كبائر الذنوب، فقال تعالى ” إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون” وروح الله رحمته ورجاء الفرج عنده، وقال في القنوط ” ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون” فبين الله سبحانه وتعالي بأن المؤمن لا يكون يائسا قانطا، بل يجب عليه أن يكون على الدوام مؤملا راجيا رحمة الله وعفوه، عاملا بما أمره الله به.
ويكافح في مقاومة الشدائد، ويصبر على مقدور الله، ولا يشتكي لأحد، ونحن اليوم كمسلمين في أمس الحاجة للصبر لكي نعيش سعداء مطمئنين في عصرنا هذا المزعج، والذي لا تسمع فيه إلا ما يحزن، إلا القلوب المطمئنة بذكر الله فإنها تعيش في حال آخر، فلا بد من الصبر والتصبر لأنه هو الشدائد والمحن، وكما قال رسول الله صلى الله عليكم وسلم في الحديث الصحيح “ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر” فاتقوا الله عباد الله، وارغبوا في الصبر وتعلموه، ودربوا النفس عليه، واعلموا أن السعيد السعيد من وفق إلى هذا الخلق العظيم، والمحروم من حرمه، ويقول رسول الله صلى الله عليكم وسلم كما عند أبي داود من حديث المقداد “إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر”
وهذا هو السعيد كما يعرفه رسول رب العالمين، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصابرين ومن السعداء، وإن المسلم حين يتأمل في حياته وما يعتريها من عوارض وأحوال وكوارث ونكبات يجد أن الصبر ليس له عنه مفر، فكسب الرزق والتعامل مع الناس والكف عن المحرمات والمكروهات والتعرض لمكابد الحياة كل ذلك يحتاج إلى الصبر والمصابرة بل الجهاد والمجاهدة، وإن للصبر آدابا يحسن للعبد إتباعها والتقيد بها لينال الجزاء الأعظم والثواب الأوفى، فالصبر عند الصدمة الأولى، فلا يظهر تسخطا وجزعا بقضاء الله تعالي وقدره، ولا يتكلم بكلام قد يذهب عنه أجر وجزاء الصبر على هذه المصيبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنما الصبر عند الصدمة الأولى” متفق عليه.