بين تفجير المساجد و مقتل الشيوخ
بقلم السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – كاتب و باحث و تربوي مصري ٠
في البداية هذه ظاهرة تستحق التوقف حيث التعصب والتطرف و الإرهاب ، و لكن هذه أفعال لجرائم من نوعها الخاص ( تفجير مساجد و مقتل الشيوخ ) ٠
هذا مؤشر خطير استوقفني مرة أُخرى عندما علمت منذ بضعة أيام بمقتل ( الشيخ عبد الستار القرغولي، إمام و خطيب ) المسجد بالدورة في بغداد يوم صلاة الجمعة في حجرة المسجد حيث ضربه و تعذيبه ٠٠
و من ثم استرجعت الذاكرة مع مقتل الشيخ الذهبي في مصر عام ١٩٧٧ م على يد جماعة التكفير و الهجرة ٠
تظل هذه الأحداث في ذاكرة و الشعوب تشهد على التعصب و الجهل وسط غياب ثقافة تحترم معتقدات الإنسان ٠
و لذا جمعت عدة أحداث و صور واقعية مؤسفة لتلك المشاهد بين طوائف المسلمين من المتعصبين الذين أساؤا لأنفسهم قبل الدين ٠
و قد تكررت هذه المأساة في الفترة الأخيرة في بلاد العرب و المسلمين ٠٠
كيف يتم قتل شيوخ مسلمين ينطقون كلمة التوحيد ثم لخلاف طائفي و فكر جماعات و انتماء ضيق الأُفق بين المغالاة والجهل بأنواعه حتى صنع التطرف الإرهاب اللعين ، جراء الرأي و الفتوى ٠٠!٠
( أتقتلون رجلا يقول ربي الله )
و يتم قتله دون محاكمته لو أنصفنا العقل و الفطرة ٠٠
و هنا نؤكد إنه لا فرق بين المليشيات الإرهابية التي اعتدت على حرمة المساجد و قتل الشيوخ و المصلين مثلهم مثل المتطرفين المتشددين من كلا الطرفين في الغرب ، و الذين يحرقون المصاحف و يرسمون الصور المسيئة أيضا ٠
و بهذا نتكلم في جزم قطعي عن حرمة الدماء وخاصة دماء المُصَلِّين من الشيوخ ٠
نعم في البداية يعلمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم درسا تطبيقيا يبين سماحة الإسلام ٠٠
و كيف عاتب النبي صلى الله عليه و سلم أسامةَ بن زيد رضى الله عنه لأنه قتل رجلاً من المشركين في معركة قتل الرجل فيها من المسلمين ما قتل، حتى سقط سيفه من يده وعلم أنه مقتول لا محالة، قال لا إله إلا الله فقتله أسامةُ رضي الله عنه، فلم يقبل رسولُ الله هذه الأعذار، وظل يسأل مستنكرا: “أقتلته بعد أن قالها.. أقتلته بعد أن قالها؟!” ٠
* تفجير المساجد :
———————–
إن تفجير المساجد إفساد في الأرض ومحاربة لله ورسوله، وهي جرائم وحشية وتجرؤٌ على حرمات الله وبيت من بيوته، تدل على تجرد مرتكبيها من أدنى معاني التدين والرحمة والإنسانية.
و مسلسل التفجير و القتل يطول ذكره حيث يبدو ظاهرة تؤرق المجتمع العربي و الاسلامي و ذلك منذ الهجوم الإرهابي البغيض على بيت من بيوت الله ، وتفجيره خلال تجمع المصلين و لا سيما في أداء صلاة الجمعة ٠
و هذا الفكر المغلوط الذي ترعاه دول عربية كبرى، وتنفق عليه ملايين الدولارات، وتفسح له في الإعلام ساعات وصفحات، وتنشر له الكتب والمقالات للترويج له تحت مزاعم باطلة ٠
= تفجير مسجد في قضاء سامراء بالعراق ، أسفر عن مقتل 22 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم وأصيب 29 آخرون في تفجير مزدوج استهدف مسجدا في قضاء سامراء في محافظة صلاح الدين الجمعة 20 سبتمبر/أيلول ٢٠١٣ م ٠
= و في باكستان تفجير مسجد مدينة بيشاور بمنطقة خيبر (شمال غرب) أثناء صلاة الجمعة، وخلف 4 قتلى و5 جرحى و ذلك عام ٢٠٢٣ م٠
= تفجير مسجد الصادق الشيعي بدولة الكويت ، و الذي قام به انتحاري وتبناه تنظيم داعش في صلاة الجمعة في شهر رمضان عام ٢٠١٥ م ٠
= مسجد الروضة بمدينة بئر العبد بسيناء المصرية و هذا الهجوم الدموي استهدف في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 مسجدا يقع شرق مدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء بمصر، راح ضحيته مئات القتلى والجرحى كانوا يؤدون صلاة الجمعة، وهو الهجوم الأضخم من حيث عدد الضحايا المدنيين في تاريخ مصر الحديث.
= فى العاصمة الصومالية مقديشيو، قيام مليشيات الشباب “الخوارج” الإرهابية مؤخرا، بتفجير مسجد بمنطقة “دار النعيم” الكائن فى إقليم شبيلى الوسطى بولاية هيرشبيلى الإقليمية.
= تفجير الذي استهدف مسجدا في شرق العاصمة العراقية بغداد، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
= هجوم الإرهابي الغاشم الذي استهدف مسجدًا جنوب غربي جمهورية النيجر، مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين الأبرياء.
= تم تدمير المسجد الغربي في مدينة غزة بتاريخ 9 أكتوبر 2023. مسجد سعد بن أبي وقاص. مسجد يافا في دير البلح دُمر في كانون الأول/ديسمبر 2023.
و مساجد كثيرة و كنائس عدد مخيف
= مسجد الإمام علي في منطقة وادي كبير في مسقط في عُمان في 15 يوليو من عام 2024. قُتل إثناء الهجوم ستة ضحايا وجرح ما بيت 30 إلى 50 شخص، وقُتل منفذي الهجوم الثلاثة على يد قوات الأمن العُمانية.
= حادثة إطلاق نار بأحد مساجد اليمن على مصلين داخل مسجد في محافظة يمنية ٠
و هذه الحادثة المأساوية التي هزّت المجتمع اليمني، وقعت عندما أقدم مسلح على إطلاق الرصاص داخل أحد المساجد، مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص وإصابة آخرين، وأثار مخاوف واسعة بشأن تدهور الوضع الأمني في البلاد.
ووقعت الحادثة في قرية قرن الأسد، بمديرية العرش بمحافظة البيضاء وسط اليمن، حيث أقتحم مسلح مسجد القرية، بعد صلاة المغرب وكان الناس يؤدون تكبيرات العيد، ففتح النار على المصلين بشكل عشوائي.
= و في السويد تم إطلاق نار قرب مسجد بمدينة أوريبرو في واقعة يعتقد أنها “مرتبطة بشبكات إجرامية”.
قُتل شخص في إطلاق نار وقع يوم الجمعة، قرب مسجد في السويد وأسفر أيضاً عن إصابة شخص آخر و أفادت الشرطة إن رجلاً «يبلغ 25 عاماً تقريباً» توفي متأثراً بجروحه، و في هذا الهجوم الذي وقع قرب مسجد في مدينة أوريبرو وأدى إلى سقوط جريحين بعدّه محاولة قتل.
= إطلاق النار على مسجد بايون هجومًا نُفِّذ في 28 أكتوبر / تشرين الأول 2019 عندما هاجم رجل يبلغ من العمر 84 عامًا مسجدًا في مدينة بايون جنوب غرب فرنسا .
و يبقى تحويل المساجد إلى كنائس و العكس و قد منع هذا الإسلام و لنا في رسول الله صلى الله عليه و سلم الأسوة و القدوة الحسنة في التعامل ، و سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه في فتح بيت المقدس لم يأمر بهدم كنيسة أو تحولها إلى مسجد و عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس الراشد و غيرهم كثيرون ٠٠
و بعد ذلك نقرأ كيف تم تحويل مسجد قرطبة في الأندلس إلى كاتدرائية (كنيسة) بعد أن استعاد الإسبان المنطقة في عام 1236 ميلادي، حيث تم تحويله لاحقاً إلى كنيسة كاثوليكية رومانية. لم يكن مسجد قرطبة هو الوحيد، فبعد سقوط الأندلس، تم تحويل معظم المساجد الأندلسية، مثل مسجد قرطبة الكبير، ومسجد إشبيلية إلى كنائس.
و في العصر الحديث في هذه الحقبة المتأخرة و تحويل كنيسة آيا صوفيا لجامع في تركيا ٠
و الطرفان كل واحد يزعم ان الجامع كان كنيسة قبل ذلك و العكس و هكذا تستمر المعادلة التي تجر مشكلات و قضايا بين المسلمين و غير المسلمين في غياب الوعي ، فالعبرة بالاعتقاد الداخلي لا المظاهر و اليمين الأصولي المتطرف من الجانبين ٠
* قتل الشيوخ :
——————-
اغتيل الإمام الدكتور محمد حسين الذهبي عام 1977 من قبل أعضاء جماعة التكفير و الهجرة.
بعدما حبسته رهينة عندها. طلبت مقابل الإفراج عنه، الإفراج عن ستين سجينا ومائتي ألف جنيه مصري.
الشيخ نادر العمراني رحمه الله، مواليد 1972 بمدينة طرابلس-ليبيا، حاصل على الدكتوراه في الحديث الشريف وعلومه من قسم الدراسات الإسلامية جامعة طرابلس عام 2010م.
ذكره أحد شركاء الجريمة في اعترافه بأن مفتي هذه الجماعة وأحد شخصين قاما بتفريغ خزانات “كلاشين كوف”، الخزانة الواحدة 36 طلقة في جسد ورأس الشيخ العمراني رحمه الله المدعو “أحمد الصافي” ٠
جامع “كريم الناصر” في منطقة الدورة بالعاصمة بغداد، شهد يوم الجمعة مشادة تطورت إلى اعتداء جسدي وتسببت في حبس الشيخ القرغولي من الوقف السني في غرفة المسجد قبيل الخُطية و ضربه و تعذيبه على يد شخصين ، و صعود شيخ أخر من المداخلة السلفية على المنبر وسط حماية و حراسة من عدد منهم قرابة ٣٠ الثلاثين ٠
= مقتل إمام مسجد الرحمة في الهرم أثناء صلاة الجمعة عام ٢٠١٩ م ٠
حيث فوجئ المصلون أثناء الركعة الثانية، بقيام مريضًا نفسيًا، مستخدمًا سلاحًا أبيض «سكين»، بالتعدي على إمام المسجد، أثناء صلاة الجمعة، موجهًا له عدة طعنات أنهت حياته على الفور.
هذه كانت بعض المشاهد الدامية لحرق و هدم و إطلاق نار على المساجد ، معه صور لمقتل بعض الشيوخ ، حاولت رصد جوانب من هذه الظاهرة التي يتمدد شبحها بين السنة أنفسهم و بين الشيعة و السنة و بين العرب و العجم مسلسل يطول شرحه وسط غياب الدولة و فرض هيمنتها و قوتها و و مدى السيطرة على مقاليد الأمور، فهذا يجعل الأحوال و الأوضاع تتفاقم إذا لم تضبط و تتحكم و تنظم أسلوب الدعوة تحت شروط تحفظ هوية الإسلام و تأمن مسارها و عدم فتح الباب أمام كل من هب ودب و لا سيما ممن لهم ميول و اتجاهات مع التيارات المختلفة في الداخل و الخارج دائما ٠
و على الله قصد السبيل ٠
بين تفجير المساجد و مقتل الشيوخ
بقلم السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – كاتب و باحث و تربوي مصري ٠
