تدريب الطيور والحيوانات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الكريم الوهاب وهبنا نعمة الإيمان، والأمن في الأوطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان المرسل بالقرآن إلى الثقلين الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد يقول قائل كانت طفلتي تلحّ على أن نزور مدينة ملاكا في ماليزيا، تلك المدينة التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من شبه جزيرة ماليزيا، وقد تم إكتشافها قديما بواسطة أمير إندونيسي من سومطرة، قبل أن تصبح الآن من أهم الموانئ التجارية في تلك المنطقة للكثير من السفن الآتية من الصين والهند وأمريكا الجنوبية، كما تم إحتلال الولاية من البرتغال مدة مائة وثلاثون عاما، ثم الهولنديين مدة مائة وأربعة وخمسون عاما، ثم البريطانيين مدة مائة وواحد وثلاثون عاما.
كما إحتلها اليابانيون من ألف وتسعمائة واثنين وأربعين ميلادي، إلي ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين ميلادي، حتى نالت إستقلالها منهم عام ألف وتسعمائة وسبعة وخمسون ميلادي، مع بقية الأراضي الماليزية، وقد نالت إستقلالها على يد الأمير عبدالرحمن الحاج أول رئيس وزراء لماليزيا، وأصبحت المدينة الآن من أهم المدن السياحية، خاصة مع وجود منتجع أفاموسا الممتع للأطفال والكبار، الذي يتميز بتقديمه عروضا رائعة للحيوانات المدربة بشكل رائع، فجلسنا أنا وزوجي وطفلتاي الصغيرتان، وبدأ العرض الأول الدب يمشي على قدمين، ويجلس على الكرسي، ويمسك بالكأس ليشرب العسل، ثم عرض الطيور التي درّبها صاحبها على إلقاء التحية بثلاث لغات الماليزية والصينية والإنجليزية، والقرود التي ترقص وتصافح، وغيرها من حركات بهلوانية.
والذي إستوقفني بكثير من التأمل أن كل حيوان ما أن ينتهي من جزء بسيط من العرض، حتى يشجّعه صاحبه بقطعة طعام محببة لديه، حتى يكمل العرض، وتساءلت في نفسي إذا كانت الحيوانات تستجيب بفاعلية تامة، وتقدم ما يخالف طبيعتها، فتمشي على قدمين وترقص، وتجلس على الكرسي، كل ذلك يتم بتحقق عاملين، هما التدريب والتشجيع، اللذان نفتقدهما في كثير من الأحيان مع أبنائنا، فخلق الصدق مثلا لا يغرس في أعماق الطفل من موقف واحد أو اثنين بل يحتاج الأمر إلى توجيه وتدريب في كل مرة يقع فيها في خطيئة الكذب، أو يرى الكبار يمارسون هذا الخلق الشائن، وهكذا كل سلوك حسن، لا يغرس في أبنائنا إلا بالتدريب المستمر، حتى يثبت في دواخلهم، فلا يمكن إقتلاعه مهما تعرّضوا لفتن ومصاعب الحياة، وهذه الطريقة يسميها التربيون التربية بالموقف.
تدريب الطيور والحيوانات
تستلزم ما يفتقده كثير من بيوتنا، وهو حضور الأم الواعية المتيقظة لما يدور في حياة أبنائها من مواقف مختلفة حتى يتسنى لها التوجيه والتدريب، والعامل الثاني هو التشجيع المستمر الذي يفتقده أيضا بعض البيوت في التعامل مع الأبناء، كبارا كانوا أم صغارا، وأشير إلى أن الحق تبارك وتعالى عامل عباده المؤمنين بأرقى وأرفع أنواع التشجيع، فالحسنة ليست بمثلها بل بعشرة أمثال، والله يضاعف لمن يشاء، فهلاّ وظفنا التدريب والتشجيع في تربية أبنائنا، ونهى صلي الله عليه وسلم أمته عن التعذيب بالنار قال ابن مسعود رضي الله عليه كنّا في سفر فرأى رسول الله صلي الله عليه وسلم قرية نمل قد حرقناها فقال من حرّق هذه؟ قلنا نحن، قال ” إنه ينبغي ألا يعذب بالنار إلا رب النار” وروى مسلم في صحيحه بسنده أن ابن عمر رضي الله عنهما.
تدريب الطيور والحيوانات
مرّ بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها فقال ابن عمر من فعل هذا؟ إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لعن من فعل هذا، وقد نهت الشريعة أيضا عن وسم الحيوان في الوجه، وكانت العرب تفعله قبل الإسلام، فقد ثبت في مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم مرّ على حمار قد وسم في وجهه فقال لعن الله الذي وسمه”.