ثقافة العقل الآخر
بقلم : سحر الزارعي
من أمتع الأوقات وأكثرها فائدة بالنسبة لشرائح اجتماعية كبيرة، تلك الأوقات التي تُطرح فيها القضايا المهمة وغير المهمة، الكبرى منها والصغرى على حدٍ سواء، ويتبادل الحضور الآراء ووجهات النظر المختلفة.عندما يحتدم النقاش بين المثقفين تزداد جاذبيته بسبب تصاعد وتيرة الأدلة والبراهين التي يقدّمها أصحابها لدعم أفكارهم، وبالتالي يستفيد الحضور من المعلومات والحيثيات والمقارنات.
في أغلب الأحوال يعتمد المثقفون مبدأ خصومة الفكرة وليس أصحابها، لذا نادراً ما يُكتب للخصومات الشخصية عمر طويل، المشكلة تكمن في بعض العقول التي لا تؤمن بفكرة الفصل بين الفكرة وصاحبها، وتجدها دون أن تشعر تفرض رأيها بأساليب غير مقبولة.
عندما تكون الفكرة المطروحة جدليّةً بحتة وليست من الـمُسلّمات، فمن الطبيعي تباين الأفكار، عكس ذلك المثقف الرزين الهادئ الذي يتصنّع الحوار بأناقةٍ ولباقة، ثم يتحوّل للوضع الدفاعيّ عندما يصطدم برأيٍ معاكس! فتجده يشحذ كل طاقاته الكلامية لدحض الفكرة المعاكسة بدلاً من إثبات فكرته! ثم يجمح بعيداً عن أصول الحديث الرزين مستخدماً عبارة «العقل يقول كذا وكذا.. أما آراؤكم فلا يُمكن أن يقبل بها عاقل»! هنا تكمن العلّة التي لم ينتبه لها!
لقد احتكر العقل لنفسه فقط مانحاً الباقين شهادات تثبت عدم صلاحية عقولهم!أيها المتعلّم المثقّف الواعي، الصفات الثلاث السابقة قد لا تنطبق عليك إذا أنكرت وجود عقول رائعة مختلفة تماماً عن عقلك.