هناك فضيلة تلزم لكل إنسان، أيًا كانت درجته، وبدونها ما أسهل أن يضل وأن ينحرف هذه الفضيلة هي محاسبة النفس. فمن العار أن نجتهد كثيرًا في محاسبة غيرنا ولا نحاسب أنفسنا نفرض مثاليات عالية نضعها أمام الآخرين، وإن تخلفوا عنها قليلًا، ننصب لهم الموازين، ونكيل لهم الاتهامات، ونحاسبهم حسابًا عسيرًا، كأننا مسئولون عن كل أعمالهم.. أما أنفسنا، فنادرًا ما نضعها تحت الحساب. بينما في حقيقة الأمر نحن أقدر ما نكون على محاسبة أنفسنا لا غيرنا.. أنفسنا معنا في كل حين، نعرف جميع خباياها، وجميع نواياها، وجميع ظروفها وأحوالها، ونعرف كل أعمالها وأفكارها، لذلك نحن نقدر على محاسبتها، ونكون عادلين في حسابنا، لأنه من معرفة يقينية أما غيرنا، فلا نعرف دواخله، ولا نعرف ظروفه وقد نظلمه في حكمنا. ومن أصدق ما قيل : “لا يعرف الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه”.. فليتنا نحاسب أنفسنا لا غيرنا.. حول مراجعة النفس حاضر الدكتور شريف أبو فرحة دكتور التنمية البشرية وتطوير الإنسان ضمن فعاليات الورشة التدريبية التثقيفية ” بناء الإنسان” الذي تنفذه وتقدمه الإدارة المركزية لإعداد القادة الثقافيين برئاسة الدكتورة منال علام للعاملين بالهيئة العامة لقصور الثقافة والأقاليم والفروع التابعة لها مشيراً أن محاسبة النفس تقود الإنسان إلى البعد التام عن الغرور والكبرياء.. إنما يتعجرف الإنسان الذي لا يدرى حقيقة ذاته، ولا يعرف نقائصه وعيوبه.. أما الذي يحاسب نفسه، وتنكشف أمامه خطاياه وسقطاته ، حينئذ يدرك أنه أقل بكثير مما كان يظن في نفسه، وتتضع نفسه من الداخل وان حاولت أن ترتفع يذكرها بما اكتشفه فيها من عيوب.. ولكن كل ذلك يتم، إن كنا دقيقين في محاسبتنا لأنفسنا، غير مجاملين لها، وغير ملتمسين لها الأعذار في كل شيء حقًا، ينبغي أن نكون حازمين في محاسبتنا لأنفسنا. ولا يصح أن نغطى كل ذنب بعذر، ولا يصح أن نبرر ذواتنا فيما نرتكبه من أخطاء، ولا يصح أن نلقى اللوم على الظروف أو على الآخرين أو على الضعف البشرى، ولا أن نخفى خطايانا وراء نيات حسنة. بل نكون صرحاء مع أنفسنا، غير مجاملين لها، ولا مدللين لها..
