حبهم إيمان وبغضهم نفاق
حبهم إيمان وبغضهم نفاق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 25 ديسمبر 2024
الحمد لله مغيث المستغيثين ومجيب دعوة المضطرين ومسبل النعم على الخلق أجمعين عظم حلمه فستر وبسط يده بالعطاء فأكثر، نعمه تترى وفضله لا يحصى، من أناخ بباب كرمه ظفر وأزال عنه الضر، وجبر ماانكسر، إليه وحده ترفع الشكوى وهو المقصود في السر والنجوى يجود بأعظم مطلوب ويعم بفضله وإحسانه كل مرغوب سبحانه أنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها فبلّ الأرض بعد جفوفها وأخرج نبتها بعد جدوبها سبحانه وسع سمعه ضجيج الأصوات بإختلاف اللغات وتنوع الحاجات، فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو مجيب الدعوات وفارج الكربات وهو مجبل النعم على جميع البريات وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا هو عبد الله ورسوله أصدق العباد قصدا وأعظمهم لربه ذكرا وخشية وتقوى صلى الله وسلم وبارك عليه.
وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد اعلموا أحبتي في الله أن الصحابة بعضهم يفضل بعضا وبعضهم سبق بعض كسبق وفضل مجموع المهاجرين على إخوانهم من الأنصار الذين إتبعوهم بإحسان، وكفضل من شهدوا بدرا على غيرهم ومن شهدوا أحدا على غيرهم وكفضل المبشرين بالجنة على غيرهم من الصحابة الكرام، وكفضل من بايع بيعة الرضوان على من لم يبايع ولم يشهد البيعة، وكفضل من أنفق من قبل الفتح وقاتل على غيرهم وكسبق أبي بكر عمر وسائر الصحابة الكرام وكسبق علي رضي الله عنه بالإسلام من الصبيان وكسبق وفضل عبد الله بن عباس كطفل على سائر أطفال الصحابة وكفضله أيضا بفقهه وتأويله لكتاب الله ببركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكفضل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بثقل ميزان ساقية من جبل أحد وغيرها كثير من الأمثلة على السبق والفضل، ولقد زكى الله تعالي صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في القرآن من الآيات التي فيها الثناء عليهم بجليل الأعمال، وجميل الخلال، ووعدهم بالفوز العظيم، ورضوان الرب الكريم، فإن حبهم إيمان وبغضهم نفاق هكذا صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار” وقال في الأنصار “لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق” وأما المهاجرون فلا يحتاجون إلى توصية بحبهم فقد قدم الله ذكرهم في القرآن على الأنصار، وإن النبي صلى الله عليه وسلم حمى كرامتهم.
فقال ” لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهبا، ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه” وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأْخذه” إنهم خير القرون في جميع الأمم، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ” وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس وعزروه ونصروه وآووه وواسوه بأموالهم وأنفسهم.