*شرح الحديث:* الشَّهادةُ بأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَتضمَّنُ طاعتَه في كلِّ ما أمَرَ به، واجتنابَ كلِّ ما نَهى عنه؛ قالَ اللهُ تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ أُمَّتَه سَتَدخُلُ الجَنَّةَ يَومَ القيامةِ، إلَّا مَن عَصَاه ولم يَمتَثِلْ أمْرَه، وتَقديرُ الكلامِ: مَن أطاعَني وتَمسَّكَ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، دخَلَ الجَنَّةَ، ومَنِ اتَّبَعَ هَواه وزَلَّ عنِ الصَّوابِ، وضَلَّ عنِ الطَّريقِ المُستقيمِ، فإنَّه يَكونُ قد رَفَضَ أن يَدخُلَ الجَنَّةَ، واختارَ لنَفسِه أن يَدخُلَ النَّارَ.
والمُرادُ بالأُمَّةِ في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتي»: أُمَّةُ الدَّعوةِ؛ وهي النَّاسُ كافَّةً، وعليه فالآبِي هو الكافِرُ بامتِناعِه عن قَبولِ الدَّعوةِ. وقيلَ: أُمَّةُ الإجابةِ؛ وهي التي آمَنَت بما جاءَ به وأقرَّت برِسالتِه، وعليه فالآبي هو العاصي منهم، استَثناهم من دُخولِ الجَنَّةِ تَغليظًا وزَجرًا عنِ المَعاصي؛ فإن أُريدَ به عُصَاةُ المؤمِنينَ، فالمقصودُ استثناؤُهم من دُخولِ الجَنَّةِ من أوَّلِ وَهلةٍ، وإلَّا فمَآلُهمُ الجَنَّةُ، كما هي عَقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ، وإن أُريدَ به الكفَّارُ فهُم لن يَدخُلوا الجَنَّةَ أصلًا.
صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.