(( حكاية صورة )
من يصلح الملح إذا فسد الملح
وليد حسين عمر
يحكى أن هناك مثل يروى بين الناس وهو يمثل حكمة كبيرة ومقتبس من بيت شعر وهو “من يصلح الملح إذا الملح فسد ” للشاعر الكبير أبو سفيان الثورى فلنحكى قصة المثل
يروى أن بدوياً تزوج إمرأة من قبيلته ذات حُسْنٍ وأدب ودين وعاش معها فى قريته إلى أن نشب خلاف بين عائلته وعائلة أخرى توفى علي إثْرها رجلٌ من العائلة الأخْرى فَحُكِمَ عليه بترك القرية فذهب الرجل بزوجته ليعيش في قرية أخرى وكان دائم الجلوس في مجلس شيخ القرية مع الرجال يتسامرون ويتشاورون. حتى مر شيخ القرية يوماً بمنزله ورأى زوجته فسحره جمالها وفُتِنَ بها
فلمعت في عقل شيخ القرية فكرة شيطانية لينفرد بزوجة الرجل فأرسله مع بعض رجال القرية ليتفقدوا ضيعة بينهم وبينها مسيرة ثلاثة أيام في الذهاب ومثلهم للعودة وبعد أن سافر الزوج مع الرجال إنتظر شيخ القرية ليأتى الليل وتسلل
لبيت الرجل لينفرد بزوجته ودخل البيت ولكن الزوجة شعرت به فقالت:- من بالمنزل
قال الشيخ:-أنا شيخ القرية سَحَرَنِى جمالك فجئت إليك لأُطفئ لهيب قلبى
قالت الزوجة:- وأنا لن أمانع بشرط أن تحل هذا اللغز حتى لايفسد اللحم نضع الملح عليه فماذا نفعل إذا فسد الملح
فكر الشيخ قليلاً ثم قال لها
أمهلينى حتى الغد لآتيكِ بحل اللغز
فقالت الزوجة :-وأنا سأنتظرك وفى الصباح جمع شيخ القبيلة الرجال وحكماء القرية وعرض عليهم اللغز فلم يتلق إجابة واحدة مقنعة.
ولكن كان أحدهم والمعروف عنه الحكمة صامتاً وما إن إنفض المجلس ورحل الرجال حتى قال للشيخ
من قال لك هذا اللغز ؟
إرتبك الشيخ قليلاً ثم قال له:-هل تعرف الإجابة ؟
إبتسم الرجل الحكيم وقال :- قائل هذا اللغز شخص إحتمى بك ولكنك خذلته وهو ذو علم ودين وأخلاق وحكمة فهو لا يريد أن يرد طلبك بغلظة فتنقلب عليه وتسئ معاملته بما لك من سطوة وقوة ولن يستطيع أن يجيب طلبك لأن أخلاقه تمنعه من ذلك
فهو لا يريدك أن تكون عدوه ولكنه يريد مخاطبة ضميرك ومكانتك أظنها إمرأة راودتها أنت عن نفسها وهى تريد أن تصون عرضها وعرض زوجها ولكنها تخشى من بطْشك
فهى تقصد أن الرجل من القبيلة إذا فسد أصلحه شيخ القبيلة ولكن من يُصلح شيخ القبيلة إذا فسد فأصل اللغز بيت من الشعر قاله أبو سفيان الثورى
يارجال العلم يا ملح البلد
من يصلح الملح إذا الملح فَسَدْ
اللهم أصلح أحوالنا وأحوال رعاة أمورنا وولى أمورنا خيارنا ووفقنا لما فيه الخير للبلاد والعباد يارب العالمين