الرئيسيةUncategorizedحين يخوننا الحنين وتفضحنا العيون
Uncategorized

حين يخوننا الحنين وتفضحنا العيون

حين يخوننا الحنين وتفضحنا العيون

 

بقلم/نشأت البسيوني 

 

يا لدهشة اللحظة التي يتآمر فيها الحنين علينا

فيعيدنا بخيوط خفية إلى أماكن هربنا منها

ويجلسنا وجها لوجه أمام ماض كنا نظن أننا تجاوزناه منذ زمن

فإذا بنا نرتجف

كأن القلب ما زال هناك

في أول الوجع وأول الوداع وأول ارتعاشة حب لم تكتمل

حين يخوننا الحنين

لا يفعلها عمدا

لكنه يأتي بخفة تشبه نغمة أغنية قديمة

أو رائحة عطر عبرت في الطريق صدفة

أو وجه يشبه ملامح من رحلوا

في تلك اللحظة

تتعطل اللغة

ويصبح الصمت هو اللغة الأصدق بيننا وبين أنفسنا

نحاول الهروب من الذكرى

لكنها تسبقنا بخطوة

تطل من بين الكلمات

وتتسلل من ملامح الغرباء

تذكرنا أنهم ما زالوا فينا

وأننا مهما تظاهرنا بالنسيان

ما زال القلب يحفظ تفاصيلهم كما هي

وكأن الزمن لم يمض يوما

حين يخوننا الحنين

نعود نبحث عن صوت مألوف

عن ضحكة قديمة

عن طيف مر ذات مساء وترك فينا أثرا لا يمحى

نعود لنقرأ الرسائل القديمة

وكأننا نعيد الحياة إلى كلمات ماتت منذ سنين

نمسك الهاتف

نكتب نصف رسالة

ثم نحذفها

لأن الكبرياء يذكرنا بأننا لسنا كما كنا

وأن العودة لا تعيد ما تهدم

بل تعيد وجعا لم يبرأ بعد

أما العيون

فهي الخائنة الصادقة

تكشف ما يخفيه الكلام

وتعلن الحنين بصمت فاضح

كأنها مرآة تفضح ما في الأعماق

نظرة واحدة كفيلة بأن تعيدنا إلى الحكاية

إلى البداية

إلى كل لحظة كنا نقسم فيها أننا لن ننسى

ولا نحب بعدها أحدا

حين يخوننا الحنين وتفضحنا العيون

يصبح الليل مسرحا للاعتراف

نحادث أنفسنا كما لو أننا نعاتب من رحلوا

نسألهم عن حالهم

ونجيب عنهم بصوت مرتجف من الشوق

كأننا نصنع حوارا من طرف واحد مع الغياب

لكننا في النهاية

ندرك أن الحنين ليس خيانة

بل بقايا صدق ما زالت تسكننا

وأن العيون لا تفضحنا إلا لأنها مرآة القلب

ولأن القلب مهما تعلم الصمت

يظل وفيا لمن ترك فيه أثرا لا ينسى

وفي آخر الليل

حين نغلق أعيننا

نبتسم بهدوء

وندعو الله ألا يعيد لنا من رحلوا

بل أن يطمئن قلوبنا عليهم

فربما هذا هو الحنين النقي الوحيد

الذي لا يوجع

بل يعلمنا أن نحب من بعيد

بسلام لا بوجع

حين يخوننا الحنين وتفضحنا العيون

بقلم/نشأت البسيوني

يا لدهشة اللحظة التي يتآمر فيها الحنين علينا
فيعيدنا بخيوط خفية إلى أماكن هربنا منها
ويجلسنا وجها لوجه أمام ماض كنا نظن أننا تجاوزناه منذ زمن
فإذا بنا نرتجف
كأن القلب ما زال هناك
في أول الوجع وأول الوداع وأول ارتعاشة حب لم تكتمل
حين يخوننا الحنين
لا يفعلها عمدا
لكنه يأتي بخفة تشبه نغمة أغنية قديمة
أو رائحة عطر عبرت في الطريق صدفة
أو وجه يشبه ملامح من رحلوا
في تلك اللحظة
تتعطل اللغة
ويصبح الصمت هو اللغة الأصدق بيننا وبين أنفسنا
نحاول الهروب من الذكرى
لكنها تسبقنا بخطوة
تطل من بين الكلمات
وتتسلل من ملامح الغرباء
تذكرنا أنهم ما زالوا فينا
وأننا مهما تظاهرنا بالنسيان
ما زال القلب يحفظ تفاصيلهم كما هي
وكأن الزمن لم يمض يوما
حين يخوننا الحنين
نعود نبحث عن صوت مألوف
عن ضحكة قديمة
عن طيف مر ذات مساء وترك فينا أثرا لا يمحى
نعود لنقرأ الرسائل القديمة
وكأننا نعيد الحياة إلى كلمات ماتت منذ سنين
نمسك الهاتف
نكتب نصف رسالة
ثم نحذفها
لأن الكبرياء يذكرنا بأننا لسنا كما كنا
وأن العودة لا تعيد ما تهدم
بل تعيد وجعا لم يبرأ بعد
أما العيون
فهي الخائنة الصادقة
تكشف ما يخفيه الكلام
وتعلن الحنين بصمت فاضح
كأنها مرآة تفضح ما في الأعماق
نظرة واحدة كفيلة بأن تعيدنا إلى الحكاية
إلى البداية
إلى كل لحظة كنا نقسم فيها أننا لن ننسى
ولا نحب بعدها أحدا
حين يخوننا الحنين وتفضحنا العيون
يصبح الليل مسرحا للاعتراف
نحادث أنفسنا كما لو أننا نعاتب من رحلوا
نسألهم عن حالهم
ونجيب عنهم بصوت مرتجف من الشوق
كأننا نصنع حوارا من طرف واحد مع الغياب
لكننا في النهاية
ندرك أن الحنين ليس خيانة
بل بقايا صدق ما زالت تسكننا
وأن العيون لا تفضحنا إلا لأنها مرآة القلب
ولأن القلب مهما تعلم الصمت
يظل وفيا لمن ترك فيه أثرا لا ينسى
وفي آخر الليل
حين نغلق أعيننا
نبتسم بهدوء
وندعو الله ألا يعيد لنا من رحلوا
بل أن يطمئن قلوبنا عليهم
فربما هذا هو الحنين النقي الوحيد
الذي لا يوجع
بل يعلمنا أن نحب من بعيد
بسلام لا بوجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *