دمعٌ أخضرٌ على أرض بلادي
دمعٌ أخضرٌ على أرض بلادي
سامر خالد منصور / سورية
أيتها القذيفة ، تدسين مخالبكِ في أركان قلبي وفي أشجار التين العتيقة ، وفي وجه دربي.. تباً لكل تلك الشظايا في فنجان قهوتي وصحيفتي كل صباح..
يا أعين الأطفال يا أعين الأطفال.. كيف أنزع منكِ الشظايا وليس فيما حولكِ إلا بقايا من كل شيء ؟! أرجوحة ٌ فقدت إحدى ذراعيها تتشبثُ بالأخرى كي لا يركبها الغياب..
يا للقذيفة كعاشقة شبقة مجنونة تضاجع جثة عشيقها ، تتعشَّق في جسده وكأن خلاياها أسراب من النمل تداهم خلاياه.. آهٍ وللآهِ آهٌ .. كنا لا نعرفها إلا في مواويل العتابة وأغاني الغرام ، آهٍ وأنت يا أبي المُلام ، تستنسخ الماضي في حاضرك وتزج بي بين الزحام !
كم وكم بكت أشجار الكينا والدالية دمعاً أخضر؟! تبكي أطفالاً ضحكاتهم ، لشفاه العيون ، كالسُكر ، ما استطاعت أذرعها الكثيرة أن تمسك النار وما أغرت خضرتها طيور الحديد ، فحطت على أجسادهم الصغيرة وعلى أضلاع الحُلم في المُقل.
آهٍ يا أيها الجحيم المُعلّب ، آهٍ يا صومعة الأحقاد ، يا قذيفة ، يا أيتها الغريبة التائهة في شوارع البلاد ، تمددي كيف شئتِ ، مُدي أسنانكِ كيف شئتِ ، سأحذفُ ما كتبتهِ بين حروف ذكريات العاشقين على أشجار الحَور وسأستنشق كل البارود من أوردتكِ يا شام ، وسأقص ضفائر أمي وأختي وابنتي لأضمد بها جراح المئذنة.. آهٍ يا دوحة المدرسة كم ركضت عيناي تبحثان عن خطوات الأطفال فيكِ وعن أشيائهم الصغيرة الضائعة ، كم أنتِ شاحبة ٌ يا شموعي العاليات تحت وشاح الصمت ! من يوقد المآذن ترحاباً بالفجر ، من ينفخ فيكِ يا نايات الروح ظهراً وعصر ، خذ قلبي يا مسجدُ قُبَّة ً فدمعي استطالَ على الوجناتِ مآذناً وتلك الحمائم والنوارس مصلوبة في دفاتر السماء.