الرئيسيةمقالاتذو القرنين وتنشيط الهمم لرفع العوائق
مقالات

ذو القرنين وتنشيط الهمم لرفع العوائق

ذو القرنين وتنشيط الهمم لرفع العوائق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الملك العادل ذي القرنين، وأن من الفوائد من ذكر قصة ذي القرنين هو أن الناس يعطوا الأسباب الموصلة فمنهم من ينتفع ومنهم من لا ينتفع، وقوله تعالى ” فأتبع سببا ” أي تبع السبب الموصل لمقصوده فإنه كان حازما، إنتفع بما أعطاه الله تعالى من الأسباب، لأن من الناس من ينتفع، ومن الناس من لا ينتفع، ولكن هذا الملك انتفع ” فأتبع سببا ” وجال في الأرض، وكما أن من الفوائد من ذكر قصة ذي القرنين هو تنشيط الهمم لرفع العوائق.

وأنه ما تيسرت الأسباب، فلا ينبغي أن يعد ركوب البحر ولا اجتياز القفر، عذرا في الخمول والرضاء بالدون، بل ينبغي أن ينشط ويمثل في مرارته، حلاوة عقباه من الراحة والهناء، ولقد وصف الله تعالي قوم ما بين السدين بقوله ” قوما لا يكادون يفقهون قولا ” أي لا يعرفون الكلام، ولا يفقهون القول لأن الذي يقدر أن يفهم يقدر أن يتكلم، وهؤلاء لا يقولون كلاما، ولا يفهمون ما يقال لهم، ومعنى ” لا يكادون ” أي لا يقربون من أن يفهموا، فلا ينفي عنهم الفهم، بل مجرد القرب من الفهم، وكأنه لا أمل في أن يفهمهم، لكن، كيف نفى عنهم الكلام، ثم قال بعدها مباشرة ” قالوا ياذا القرنين ” فأثبت لهم القول؟ ويبدو أنه خاطبهم بلغة الإشارة، وإحتال على أن يجعل من حركاتهم كلاما يفهمه وينفذ لهم ما يريدون، ولا شك أن هذه العملية إحتاجت منه جهدا وصبرا.

حتى يفهمهم ويفهم منهم، وإلا فقد كان في وسعه أن ينصرف عنهم بحجة أنهم لا يتكلمون ولا يتفاهمون، فهو مثال للرجل المؤمن الحريص على عمل الخير، والذي لا يألو جهدا في نفع القوم وهدايتهم، والإشارة أصبحت الآن لغة مشهورة ومعروفة، ولها قواعد ودارسون يتفاهمون بها، كما نتفاهم نحن الآن مع الأخرس، وقال الله تعالي عن ذي القرنين ” حتي إذا بلغ مغرب الشمس ” ثم قال تعالي عنه ” حتي إذا بلغ مطلع الشمس ” ثم قال تعالي ” حتي إذا بلغ بين السدين ” وسعى ذو القرنين وجدّ وإجتهد حتى بلغ حيث إنتهت طاقته وقدرته، ولم يرضى بمنزلة دون منزلة أحد من أهل زمانه، ولم يقف عند حد، بل سعى في الأرض حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار بجيوشه حتى بلغ مشرقها ثم أتبع سببا حتى بلغ بين السدين، وتملّك تلك المناطق كلها حتى حكم فيها.

وأثّر بفكره ومبادئه على أهلها وسيطر عليها وغدا شرطيا أعلى للعالم وحارسا لأهل الأرض، وملجأ للمظلومين، ومأمنا للخائفين، عندها طابت نفسه وتحقق حلمه، فهي همة متفجرة وطموح يناطح السحاب، بهذا يبني ذو القرنين في نفوسنا طموحا عاليا وهمة شامخة، ويرسم لنا صورة مشرقة في سماء التفوق والجد والعزم، والتنافس والتصارع من أجل السيادة والغلبة والوصول إلى مفاصل التغيير والتأثير وهي صورة المؤمن القوي، ويحطم في المقابل صور الهزيمة والخمول والكسل، التي تعشعش في نفوس كثير ممن ضعفت همتهم وخارت عزائمهم، فاللهم اسقنا ربنا من فيضك المدرار، واجعلنا من الذاكرين لك بالليل والنهار، المستغفرين بالعشي والأسحار، اللهم أنزل علينا من بركاتك وأخرج لنا من خيرات الأرض وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا ياذا الجلال والإكرام، اللهم احفظ بلادنا، وحدودنا، وانصر جنودنا، ووفق ولاة أمرنا، وأيدهم بتأييدك، وارفع عنا البلاء والوباء ياسميع الدعاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *