كتب : حسام النوام
رنا عبد العزيز، كاتبة شابة، ترى الكتابة أكثر من مجرد كلمات على الورق؛ إنها رحلة وعي طويلة تتشكل باستمرار مع كل نص جديد. تقول رنا عن نفسها: «أعرف نفسي كاتبة تمتلك رؤية تتشكل باستمرار، لا أدعي الاكتمال ولا أؤمن بالثبات. الكتابة بالنسبة لي هي ملجئي للفهم والبوح والنجاة».
البداية الحقيقية
حين سُئلت عن اللحظة التي شعرت فيها أن الكتابة ليست هواية عابرة، قالت: «عندما أدركت أنني لا أستطيع الصمت عما أشعر به، وأن الكتابة أصبحت ضرورة داخلية وطريقة حياة. عندها فهمت أن الكتابة ليست خيارًا يمكن التراجع عنه، بل مصيرًا لا مفر منه».
الإنسان في صلب كتاباتها
رنا أصدرت عدة أعمال في فترة مبكرة نسبيًا، ويجمع بينها القاسم المشترك للإنسان ومشاعره الهشة وتساؤلاته العميقة. «كتاباتي تحاول الاقتراب من الداخل الإنساني، من المناطق التي لا نلتفت إليها كثيرًا»، توضح. وأضافت أن أعمالها عادة ما تبدأ من تجربة شخصية، لكنها تتحول إلى تجربة إنسانية عامة، لأن المشاعر في جوهرها واحدة مهما اختلفت التفاصيل.
رسائل بلا قارئ: صدق وجرأة وإصدارات قادمة
أقرب كتب رنا إلى قلبها هو رسائل بلا قارئ، والذي تصفه بأنه «الأكثر صدقًا وجرأة، كتبته دون محاولة للتجميل أو الإرضاء، بل كاعتراف إنساني خالص». الكتاب مقسم إلى قسمين: الأول عن المشاعر قبل العلاقات وأثناءها وبعدها، والثاني يغوص في المشاعر الصعبة كالكبرياء والوحدة والحنين والندم. تهدف رنا من خلاله إلى أن يجد القارئ نفسه بين السطور ويعرف أن مشاعره طبيعية وليست وحيدة.
والأخبار السارة لمحبيها أن رسائل بلا قارئ سيكون متاحًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، مع خطة لتقديمه في عدة دول عربية مثل جدة، بغداد، وأبوظبي، ليصل إلى قراء أوسع ويشاركهم تجربة المشاعر الإنسانية الصادقة التي تميز الكتاب.
التوجه الأدبي والأسلوب
تميل رنا إلى الأدب النفسي الاجتماعي مع مسحة رومانسية، وتقول: «أهم شيء بالنسبة لي هو تحليل المشاعر وفهم دوافع الإنسان أكثر من تصنيف النص أدبيًا». وهي تكتب دائمًا لتكون صادقة أولًا، ثم تترك النص مفتوحًا لتأويل القارئ، مؤكدة أنها تحب أن يجد كل شخص معناه الخاص داخل النص، لا أن تُفرض عليه رسالة جاهزة.
القضايا الحالية والصعوبات
تشغل رنا فكرة العزلة الداخلية التي يعيشها الإنسان المعاصر رغم الزحام، وكيف يمكن للوعي أو الحب أو الفقد أن يعيد تشكيلنا من جديد. لكنها لم تخفِ الصعوبات التي واجهتها: «إثبات الجدية والخروج من فكرة الكتابة كترف إلى الكتابة كمسؤولية، وصعوبة الوصول والانتشار في البداية». ورغم ذلك، ترى أن دعم دور النشر في مصر والعالم العربي يتطور، لكنه يحتاج إلى مزيد من الإيمان بالمواهب الجديدة، فنيًا وليس فقط تجاريًا.
النقد والقراء
رنا تتعامل مع النقد بوعي: «أفرق بين النقد البناء الذي أستفيد منه، والآراء السلبية التي تعكس شخصية صاحبها فقط». أما القارئ، فتعتبره شريكًا حقيقيًا في النص، وتتابع ردود الأفعال لأنها تمنح الكتاب حياة تتجاوز حياة الكاتب نفسه في رحلة. وتضيف: «الرسائل التي تصلني أحيانًا تجعلني أدرك أن كلماتي قد تكون طوق نجاة لشخص ما، وهذا يزيد إحساسي بالمسؤولية تجاه ما أكتب».
المرأة في الأدب والمستقبل
تؤكد رنا أن الكاتبة الشابة تواجه تحديات مضاعفة عند الكتابة بصدق وجرأة، لكنها ترى في ذلك دافعًا لا عائقًا. وعن صورة المرأة في الأدب المعاصر، تقول: «أحاول تقديم المرأة كإنسان كامل: قوي وضعيف، واعٍ ومتناقض، لا كصورة نمطية أو مثالية زائفة». أما مشروعها الأدبي القادم، فهو عمل طويل النفس يدمج الطرح الوجداني مع الخيال، وربما يتحول إلى عمل درامي أو سينمائي يحترم روح النص و عقلية المشاهد.
خمس سنوات قادمة ورسالة للشباب
ترى رنا نفسها بعد خمس سنوات أكثر نضجًا ووعيًا، بصوت واضح وهوية كتابية مميزة، قادرة على ترك أثر حقيقي لدى القارئ. أما نصيحتها لكل شاب أو فتاة يمتلكان موهبة الكتابة: «ابدأ، حتى لو كنت خائفًا، فالكتابة تُصقل بالممارسة لا بالتردد». وكلمة أخيرة لقرائها: «شكرًا لأنكم تمنحون كلماتي حياة أخرى بقرائتكم، وجودكم هو السبب الحقيقي للاستمرار».

