زغاريد على جرح القلب
تأليف: فايل المطاعني
الفصل الخامس: الحيرة
رنّ هاتف عادل مرّاتٍ عدّة، واسم «أمل» يسطع على الشاشة،
لكنّه لم يُجب… تركه يرنّ حتى خبا صوته.
كان يحدّق في اللاشيء، كأنّ داخله معركة لا صوت فيها سوى الصمت.
أغلقت أمل الهاتف بعد محاولاتٍ متكررة، ثم أرسلت له رسالة تقول:
> «عادل، لا أعلم ما الذي يجري، لكنّ الصمت أقسى من أيّ فراق.
إن كنت غاضبًا، فكن صادقًا معي كما كنت دائمًا، ولا تجعل الغياب جوابًا.»
قرأها أكثر من مرة، وضع الهاتف على الطاولة، وأسند رأسه إلى الكرسي.
تسلّل صوت المطر من خلف الزجاج كهمسٍ مألوف،
فتمتم بصوتٍ خافت:
> “حتى المطر اليوم يبدو حزينًا… كأنه يكتب رسائل نيابة عنّا.”
بعد لحظاتٍ من التردّد، رفع الهاتف واتصل بها.
ردّت بسرعةٍ ممزوجة باللهفة والعتب:
> – عادل… أخيرًا اتصلت! ظننتك رحلت دون كلمة.
– (يتنفس بعمق) ما رحلت، لكنّي فقدت الطريق إلى الكلام.
– الطريق إلى الكلام؟! أم إلى قلبي؟
– أمل، لا تسألي كثيرًا، فكل الأسئلة الآن تؤلمني.
– وأنا؟ ألا يؤلمني هذا الغياب؟ هذا الغموض الذي يسكن صوتك؟
– صدقيني، لم أعد أعرف كيف أشرح ما لا يُشرح.
– قلها صريحة إذن… هل ندمت لأنك عدت إليّ؟
– (يصمت طويلًا) لا، لكنّني خفت أن أكرر وجعي القديم معك.
تساقطت دمعة من عينيها، لم تحاول إخفاءها، وقالت بصوتٍ مرتجف:
> – كنت أظن أن الحبّ شجاعة، لا هروب.
– وأنا كنت أظن أنّ الصدق لا يجرح، لكنه يترك ندبة لا تزول.
– إذًا لن أطلب منك البقاء، لكن لا تقل لي إنك بخير.
– (بهمسٍ حزين) أنا بخير يا أمل… أو على الأقل أحاول أن أبدو كذلك.
ساد الصمت من جديد، وكأنّ المطر هو من يتكلم عنهما.
انتهت المكالمة، لكنّها لم تُغلق المسافة بين القلبين.
كانت الحيرة تملأ الهواء،
كأنّهما يعيشان فصلًا من الغياب لا ينتهي.
وفي الجهة الأخرى من المدينة، جلست أمل أمام نافذتها،
تراقب المطر وهو ينهمر كدموعٍ متأخرة،
وهمست لنفسها:
> “كم هو مؤلم أن أحبّ رجلًا يحارب مشاعره بي، ويخاف أن ينتصر الحبّ في النهاية.”