في مديح الذاكرة ٠٠الكاتبة و الناشرة الإماراتية د٠ عائشة سلطان
بقلم ـ السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – مصر
[ سندباد دبي ٠٠!! ] ” المدينة كائن يحب ويعشق ويتألم ” ٠( عائشة سلطان ) أليست هي القائلة في فلسفة جمالية عن حقيقتنا :
” حين كبرت أكثر عرفت أن الحكمة كالنار تسرق غوايات القلب لتمنحها للعقل، وأنه كلما كبرنا قلّ فرحنا وتضاءلت دهشتنا، لأننا صرنا أكثر حكمة وأكثر رصانة وأقل دهشة! ” ٠
٠٠٠٠٠٠٠
في البداية تذخر البيئة الإماراتية بنهضة نسائية في شتى المجالات في العلم و التعليم و الصحة و الإعلام و الابداع الادبي و الفني في الفترة الأخيرة مشاركة فعالة بجانب الرجل لتكوين هوية الوطن على خريطة ممتدة بيت عوالم شرقا و غربا من خلال الاهتمام بقايا المرأة ٠٠
و لِمَ لا فالمرأة الإماراتية المبدعة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع والثقافة ، بل وتتجسد إبداعاتها في مختلف المجالات كالفن والأدب والتراث والعلوم والتطوع الخدمي في المجتمع ٠٠
و من ثم كان لنا هذا اللقاء الذي نتوقف معه من خلال د٠ عائشة سلطان الكاتبة و الصحفية فهي من الكاتبات المبدعات الرائدات في دولة الإمارات، و ذات طراز عاشق لأدب الرحلات حيث نطوف مع عالمها بين الواقع و الخيال ، كي نستعيد معها إدارك الذات من جديد ، و اكتشاف الروح في تلك الفضاءات التي ترسمها بظلال الكلمات هكذا ٠٠
فهواية الأسفار منقوشة في الذاكرة منذ نعومة اظفارها ، و منذ أن تتطلعت إلى رحلات ابن بطوطة و ابن جبير و ابن فضلان و ابن ماجد و أنيس منصور ، وغيرهم كثيرون ٠٠
و تأملاتها بعمق و تأثرها بالأدب العربي و بالآداب الأجنبية قديما و حديثا أيضا ٠٠
و من ثم كان لها تصورات تمخضت عنها لوحاتها التي تترجم عمق رؤية مسيرتها فكرا ووجدانا بمشاعرها الصادقة التي توظفها في الحياة العملية من خلال تجربة واقعية تتفاعل معها نحو قيم الجمال الذي هو بمثابة ملامح تلك الحياة ٠
و ذلك في علاقة ثنائية كالروح و الجسد تبرز لنا معادلة ( الحب الأدب المدن ) في توجهاتها الفضفاضة بمقاييس و معايير ملزمة في إطار أهدف تشكلها في استمرارية ٠
و تنثر مفرادتها بخصائص شعرية قطع أثرية من عبق التراث ٠
* نشأتها :
ولدت الكاتبة و الأدبية و الناشرة الإماراتية عائشة سلطان في إمارة دبي ٠
حاصلة على الماجستير في علوم الاتصال والإعلام.
حاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات.
عملت مدرسة لمادة التاريخ والجغرافيا للمرحلتين الاعدادية والثانوية في الإمارات من عام 1984إلى عام 1993.
تكتب عموداً في صحيفة “البيان” بعنوان “أبجديات”، منذ العام 1996.
دخلت عالم صناعة الكتاب من خلال النشر ، فهي ناشرة و مؤسسة ومديرة «دار ورق للنشر والتوزيع» في دبي.
عملت مديرة لإدارة البرامج السياسية في تلفزيون دبي من عام 2004 إلى عام 2010.
رأست القسم الثقافي بجريدة البيان من عام 1997 إلى عام 2004.
في مديح الذاكرة ٠٠الكاتبة و الناشرة الإماراتية د٠ عائشة سلطان
عضو مؤسس لجمعية الصحفيين الإماراتية ومؤسسة لمجموعة من أندية الكتب في الإمارات (صالون الكتاب، صالون المنتدى).
عضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية ٠
نائبة رئيس مجلس الإدارة لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات٠
نائبة رئيس جمعية الإمارات لحقوق الإنسان ٠
عضو جمعية الصحافيين الإماراتيين.
= مؤلفاتها :
صدر لها عدد من المؤلفات منها:
كتاب : أبجديات عام ١٩٩٨ م ٠
كتاب : شتاء الحكايات ٢٠١٢ م ٠
كتاب (هوامش في المدن والسفر والرحيل) عام ٢٠١٤ م٠
كتاب (في مديح الذاكرة) عام ٢٠١٥ م .
مجموعة قصصية بعنوان( خوف بارد ) عام ٢٠٢٥ م ٠
* مع ( اقتباسات عائشة سلطان ) من بطون مؤلفاتها بمثابة مختارات نثرية سردية مفعمة بروح الشعر :
– لا تحزم أمتعتك وتتوجه إلى أي مكان وأنت تحمل تصورات الآخرين عن المكان الذي تنوي الذهاب إليه، من الأفضل أن تذهب بلا تصورات من أن تذهب محملًا بنصائح وأفكار وانطباعات كونها صادرة عن أشخاص آخرين يختلفون عنك في كل شيء ٠
– تساءلت لماذا تضج المدينة بالبهجة إذا هطلت الأمطار فجأة على غير عادة كل الناس في كل الدنيا، فإما تجدهم حانقين على هذا المطر الذي لخبط برنامجهم اليومي، وإما أنهم مستاؤون لما يسببه من أوحال وصعوبة في التحرك والتنقل، بينما الناس
– القهوة لا تُرَدّ ولا تُرفَض إذا قدمت؛ لأن ذلك في أعراف العرب خطأ لا يجوز ارتكابه، كما أن القهوة واحدة من آليات الضغط للحصول على مطلب معين، فأنت إذا وضعت فنجانك على الأرض ولم تشربه في أعراف القبائل العربية دل ذلك على أن لك طلبًا خاصًّا من صاحب القهوة أو صاحب البيت، فيقال لك: اشرب ٠
– ستبقى مجتمعاتنا ممتدة ونابضة بالحياة طالما بقيت تحتفظ بذاكرتها طازجة محمية من العطب وعصية على الفقدان، ذاكرة المجتمع هي الذاكرة الجمعية لكل الأفراد، لعاداتهم وسلوكياتهم العامة لموسيقاهم وأغنياتهم العلنية، لألعابهم وطقوس أعراسهم وأعيادهم وأحزانهم، لأسماء أطفالهم وأشكال ثيابهم وأطعمتهم ولهجتهم وكل ما يشكل الهوية الجامعة للأفراد والتي تحرص الأمم على جمعها وحفظها حيثما وجدت. الذاكرة المعطوبة بداية الطريق نحو التلاشي، فعندما تظهر علامات النسيان على الإنسان، ويبدأ في فقدان بعض الخيوط تبدأ مروياته ولائحة الأحداث والأسماء لديه بالتفكك والتساقط من سلة الزمن، عندها يضع جميع من حوله أيديهم على قلوبهم انتظارًا لرحيله، ففقدان الذاكرة إحدى علامات النهاية المؤكدة، وحتى لو لم يمت، فإن إصابته ببياض الذاكرة، أو بالذهن الخالي من أي تدوين وكأن صاحبه لم يقترف فعل الحياة بعلنية صاخبة، معناه أن هذا الشخص أو المجتمع لم يعد موجودًا بالفعل! ٠
في مديح الذاكرة ٠٠الكاتبة و الناشرة الإماراتية د٠ عائشة سلطان
و أخيرا في حوارية تجسد لنا مدى عشقها لقاهرة المعز التي تلهمها هالة الابداع المتنامي مدا و جذرا ٠٠
نعم إنها عاشق القاهرة من خلال زيارتها التي توثق فيها رحلاتها الدائمة فتقول عنها :
فلا شيء يعدل أو يعوض عن زيارة القاهرة، لا أن تقرأ عنها في روايات نجيب محفوظ، ولا أن تسمع لصوت الحب في أغنيات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ولا أن تتابع الصحف والمجلات المصرية، ولا أن ترى كل ما أنتجته السينما المصرية من أفلام ونجمات ونجوم، بل ربما لكل هذه الأسباب عليك أن تزور القاهرة، وأن تمشي في أحيائها، وتزور متاحفها، وتتبع وقع الحياة ويوميات المدينة في الشوارع والمقاهي والمطاعم والأحياء التاريخية، وأن تعرف مزاج الإنسان هناك في جدالاته وهو يشتري ويبيع ويتعامل ويغضب ويقرأ خريطة أيامه وخريطة القاهرة! الشخصية المصرية محددة الملامح وعميقة الأبعاد، ليس مهمًّا أن تتفق معها أو لا تتفق، تلك وجهة نظرك وأنت حر فيما ترى، لكن لا يمكنك إنكار سطوع هذه الشخصية وتمتعها بجملة سمات لا يمكنك إزاءها سوى أن تحب هذه الشخصية، ليس لخفة ظلها فقط، فالشخصية المصرية أعمق وأعقد من مجرد خفة ظل، وتعاطٍ ساخر مع أزمات الحياة، ونكتة تطلق بمنتهى سرعة البديهة، فالشخصية المصرية طبقات متراكمة من الوعي والتاريخ والحكمة.
و نختم لها بهذه المقطوعة الرائعة حيث تقول فيها د٠ عائشة سلطان:
حين كبرت أكثر عرفت أن الحكمة كالنار تسرق غوايات القلب لتمنحها للعقل، وأنه كلما كبرنا قلّ فرحنا وتضاءلت دهشتنا، لأننا صرنا أكثر حكمة وأكثر رصانة وأقل دهشة!
عندها تمنيت لو لم أكبر حتى لا أفقد نزق الفرح في قلبي ودهشتي أمام الأشياء والتفاصيل، فوحده الطفل يفتح فمه وعينيه مندهشًا أمام الأشياء الجديدة والمختلفة، ووحده يصرخ بالحقيقة الصعبة ببساطة فاتنة وساذجة معًا حين يتلعثم الكبار وتدور أعينهم في محاجرها من الخوف. وحده الطفل يمارس فرحًا حقيقيًّا لأنه لم يكبر ولم يُراكِم في قلبه وداخل رأسه أحجار الحكمة تلك التي تجعله ثقيلًا أكثر مما يجب وحزينًا أكثر مما تحتاجه الحياة.
و بعد هذا العرض الموجز لعالم الكاتبة الصحفية الإماراتية عاشقة أدب الرحلات د٠ عائشة سلطان من خلال القراءة المتواضعة بين مختارات من بين سطور مؤلفاتها المتنوعة التي تكشف لنا عن فترات من عبقرية الزمن و المكان في ثنائية و تناغم تجسد فيهما عنوان الإنسان من وحي تجربة ذاتية تعكس لنا تطلعاتها التي تكشفت من ظلال المدن البعيدة التي تترجم عملية الإبداع الفني نثرا بلغة الشعر الجميلة في لوحات أدب الرحلات الذي هو فن لا يفارق الكاتب لحظة في ترحاله بعيون ناقدة لكل ما حوله دائما ٠
في مديح الذاكرة ٠٠الكاتبة و الناشرة الإماراتية د٠ عائشة سلطان