كبرتُ يا أبي… كبرتُ يا أمي…
هنا نابل – بقلم المعز غني
وعرفتُ أن القمر لا يتبعني أينما ذهبت ، وأن السيارة هي التي تتحرك لا الأشجار ، وأن الظلام ليس مليئا بالوحوش ، وأن الفراشات ليست مجرد أرواحًا لمن غادرونا وأن القبور لا تخيف …
كبرتُ يا أبي … كبرتُ يا أمي …
وعرفتُ أن ليس كل من نُحبه يُحبنا ، وليس كل من يبتسم لنا صديقا ، وليس كل من يبكينا يريد أن يؤذينا .
كبرتُ يا أبيى… كبرتُ يا أميى…
ويا ليتني لم أكبر ، ويا ليتني لم أعلم شيئا ، ليتني أعود كما كنت
بوجه طفلٍ وقلب طفلٍ بريء ، لم يعرف ألما ولم يذق حزنا ابدأ
لقد كان لي أب … وهو اليوم تحت الثرى ولا أعلم كيف حاله؟،
لكنني أعلم يقينًا أنه كان طيب القلب ، أكرم القلوب ، واحنها علي إلى أبعد الحدود ، فاللهم أرحمه كما كان رحيما بي وأغفر له كما كان يغفر لي وأكرم نزله كما كان كريمًا معي . وأجمل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النيران.
ولا أعلم كذلك متى سيزول هذا الألم يا الله ، وكم من وقت أحتاج لأعتاد غياب أمي ، لكنني أعلم يقينًا بأن الشوق لا ينتهي ….
وأعلم أنك يا الله وضعتَ دواءً لكل داء ، وأنا أصبت بداء موتها .
فأرجوك يا الله ،
أن تجعل دواء وجعي رحمةً لها وأن تجزيني بالصبر
وتغمرها بمغفرتك ، وتعوّضني عن هذا الفراغ الذي تركته .
اللهم إنك تعلم ما أنا به ، فاجبر قلبي برؤيتها مبتسمة بجنات النعيم ، إنهما دائمًا معي….
أراهما بقلبي المشتاق إليهما ، وأعلم جيدًا أنهما لن يعودا .
بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى ، أسألك يا الله أن تُطيب ثراهما
كما طيّبا حسن سمعتهما في الأرض ، وأن تجعل الجنة – – – عرضها السماوات والأرض – – – لأمي وأبي ، ولكل من غابت أجسادهم وأصواتهم عنا .
الله يرحمك يا أبي …
الله يرحمك يا أمي …
أشتقت ُ لكما كثيرًا .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم المعز غني عاشق الترحال وروح الاكتشاف
كبرتُ يا أبي… كبرتُ يا أمي…


