الرئيسيةاخباركذبة أنيقة
اخبار

كذبة أنيقة

كذبة أنيقة

كذبة أنيقة

بقلم الأديب المصرى 

د. طارق رضوان جمعة 

قد تدفعنا مطرقة الوحدة وسندان الإتهام إلى البحث عن الأمان و الاحتواء والاستقرار فى عيون من حولنا. فمن العيون حضون، ومنها الكهوف وفيها الحصون. يقولون أن بداخلها اسرار السعادة والشجون، وأن لسكون العيون حكايات وروايات وفنون. فمن العيون ما يسهُل قراءتها مثل الكفوف، ومنها ما يصعُب قراءتها لما تلمس فيها من ألم وخوف. وهنا العيون السارقة، وهناك عيون خارقة وحارقة. وترى عيون آمنة هادئة مطمئنة. ولو تعلمون فكل العيون أعز وأغلى مما أُتى قارون. فالعيون لدراسة علم النفس فروع وألوان وغصون. وكم من عيون عاهدت وخانت، وكم من عيون أحبت وصانت. 

هل سألت نفسك يومًا عن سر الرحمة والحنان والحب تجاه إنسان أو حيوان أو نبات؟ تلك الرحمة التي تراها فى العيون ليست عطاء منك يمكنك التحكم فيه، بل هى هبة ومنحة ربانية اختصك الله بها تجاه مخلوق من مخلوقاته لتشمله برعايتك ولتحتوى احتياجاته. الله هو من أراد لقلبك أن ينبض ويدق بمحبة، والرحمة نعمة من الله، والحب هبة السماء بين عباد الله. وحين تحب من لا يستحق فلا تندم، بل لك أن تفتخر لأن لك قلب نقى. تلك إذا ليست خسارة لك بل هى فوز وتميز، فالله يريد أن يجدد روحك ويطهرك من الحقد والغل والكراهية. 

الحب هو س؟سُنة الكون لتطهير النفس البشرية بل لا يقتصر على بنى الإنسان ، إنه موجود بين سائر مخلوقات الله. الحب هو صفة من صفات الرحمن الرحيم. وأرى أن غياب الحب هو غياب السماد عن الأرض. فغيابه يفسد زرع المجتمع ومبادئه، ويخلق من التناقضات ما يفوق السجن الواسع، فتنقلب الموازين وترتفع رايات المنطق الأعوج. غياب الحب عن الساحة يجعل المجتمع يمنح باليمين ليأخذ باليسار. فإذا كان المجتمع يدعو لإستقلال المرأة، فلماذا يتهمها بالإباحية والإنحلال حين تنجح؟! وإذا كان المجتمع يُظهر رحمة فيدعم وينادى بحق الأرملة فى الزواج، فلماذا ينكر عليها ذلك بعد زواجها ويقول بأنها غير وفية لزوجها السابق؟!

كثير من الحقوق صارت هكذا بين المطرقة والسندان. هذه التناقضات تحدث ليس بهدف تطوير المجتمع، ولكنها مجرد تحميل لوجهة المجتمع بشعارات كاذبة وتقاليد موروثة بالية. فنحن نعيش توتر بين ما يُقال وما يُفرض.

هناك ظاهرة يخجل البعض من التحدث عنها رغم أن شبكات التواصل الإجتماعى أظهرتها وبوضوح وصارت تؤرق غالبية منازلنا وهى أزمة منتصف العمر أو ما يسمى بالمراهقة المتأخرة. فلماذا يبحث الزوج عن علاقة عاطفية مع إمرأة أخرى غير زوجته؟ ولماذا تبحث الزوجة عن رجل أخر غير زوجها؟ الأمر ببساطة هو غياب لغة الحوار بينهما. وغياب الحوار يؤدى لفقدان الصراحة والوضوح. فصار الأزواج غرباء تحت سقف واحد. هى لا تبحث عن حب جديد بعد مرور كل هذه الأعوام من حياتها وكذلك الرجل، لكنها تسال نفسها ماذا حصدت من إهتمام وتقدير بعد كل هذه السنين؟ ومن صادق فى الإهتمام بها؟ فتجد أنها لم تحصد ما يكفى. الإهتمام هنا ليس رفاهية، والحوار بين الأزواج يعف ويحمى من الإنزلاق لتجربة عاطفية غير مدروسه. الحوار ضرورة وتصالح نفسي.

والقلب يحتاج إرتواء كما يحتاج الجسم الهواء والغذاء. المراهقة المتأخرة ليست نزوة بل هى أعمق من ذلك، هى ثقب نفسى عميق يحتاج للترميم، ولابد من سرعة العلاج.

دعونا كأزواج نرفق ببعضنا البعض ونصارح بعضنا بما نكره وبما نريد. دعونا نجعل من محنة المراهقة المتأخرة منحة للتقارب. 

أرى أن على شريك الحياة أن يُقدر صراحة الطرف الآخر ويدعم ضعفه واحتياجاته. لابد من الشفافية حتى يرى شريك الحياة دواخل الطرف الآخر فى جو من الأمان بلا خوف من استغلال هذا ضده أو الخوف من النظر له بشكل منقوص. ليكن شعارنا ” لا تخن قلبى فالعمر لم يعد يحتمل الخذلان”

كذبة أنيقة

كذبة أنيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *