لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله إله الأولين والآخرين، الرزاق ذو القوة المتين، أحمده سبحانه حمد الشاكرين وأشكره على نعمه شكر الحامدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أصدق القائلين وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله النبي الأمين، فاللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد خير الأوابين، وأفضل المصلين والصائمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن الدنيا وعن التنازع عليها والسعي وراء شهواتها وملذاتها، وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ” لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ” رواه الترمذي، فهذه هي حقيقة الدنيا التي يطلبها ويخطب ودها كثير من الناس كما وصفها النبي عليه الصلاة والسلام، فهي مبغوضة ساقطة لا تساوي.
ولا تعدل عند الله جناح بعوضة، وكم يساوي جناح البعوضة في موازين الناس ؟ أم لعله يسمن أويغني من جوع ؟ فكل ما يبعد عن طاعة الله تعالى ملعون مبغوض عنده سبحانه، ولقد أنسى الناس حب الدنيا والتشاغل بها عن طاعة الله عزوجل والخوف منه، ألا يعقل أولئك قول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” ما لي وللدنيا ؟ ما أنا إلا كراكب إستظل تحت شجرة ثم راح وتركها ” رواه الترمذي، وكما قال صلى الله عليه وسلم ” ليس الغنى من كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس ” متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ” رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام ” إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ” ثم قرأ ” وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ” متفق عليه.
وهذه هي النتيجة الحتمية لكل ظالم ولا مناص عنها ولا مفر منها، والجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، وما ربك بظلام للعبيد، حاشا وكلا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، وقال الله تعالى في كما جاء في سورة الحديد” اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ” فيحذر المولى جل وعلا عباده من الإنجراف في مزالق الحياة الغادرة وعدم الإخبات إليها أو اتخاذها وطنا وسكنا وأنها غادرة ماكرة ما لجأ إليها أحد أو رجاها من دون الله إلا خذلته وتخلت عنه فهي حقيرة عند الله عزوجل كحقارة الميتة عند الناس، وإنما جعلها الله فتنة للعباد ليرى الصابر والشاكر والمغتنم لأوقاته.
لما فيه رضا ربه سبحانه، ممن عكف عليها وأقام وأناب إليها ومن قضى أيامه ولياليه من أجلها، فلا يستوي الفريقان عند الله أبدا، حيث قال الله تعالى في سورة الشوري ” فريق في الجنة وفريق في السعير ” وكما قال تعالى في سورة فاطر ” وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات ” والأعمى هو من ضل عن منهج الله تعالى وركن إلى الدنيا وإطمأن إليها فهو وإن كان بصير العين فهو أعمى البصيرة فهو في هذه الدنيا أعمى وفي الآخرة أعمى وأضل سبيلا، ولذا قال الله عزوجل في سورة الحج ” فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” وذاك لإعراضه عن ذكر الله تعالى فالأحياء هم المؤمنون والأموات هم الكفار، فالحياة حياة إيمان والموت موت كفر والعياذ بالله.
لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة