متى تختفي بلطجة الشوارع؟!
بقلم – سمير الدسوقي
قلما يمر يوم أو أسبوع حتى نسمع أو نشاهد جريمة بشعة من موجات بلطجة الشوارع، أو أصحاب دواليب المخدرات، لقد أصبح جليا أن دواعي هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا متعددة إلا أنها تشترك في خصيصة واحدة، أن معظم القائمين بها من الشباب، بل إن منهم من لم يبلغ الحُلم، ولم تنبت لحيته بعد.
البلطجية أشخاص تشعر بنقص لعدم قبولهم فى المجتمع؛ لأن أفكارهم ضده ، فيكبر البلطجى ساعيا لإهانة البشر والعمل على إذلالهم، وهو يتشرب أمور البلطجة ممن يعتقد أن لديهم القدرة على الهيمنة والسيطرة على من حولهم بممارسة البلطجة، ويحاول البلطجى أن يفرد عضلاته على الإنسان الملتزم، أويخيفَ من تراه عيناه أحسن منه فى النشأة والتربية، كما يحاول البلطجى أن يسيطر على من حوله باستخدام القوة والسلاح.
ولانتشار هذه الظاهرة السوداء أسباب داخلية وأخرى خارجية، فضعف التربية الدينية سواء داخل البيت أو المدرسة أو المسجد والكنيسة، وكذلك فقدان القدوة الحسنة في رب الأسرة أو في المعلم ، ربما لظروف اجتماعية واقتصادية دفعت كليهما وأبعدته عن دوره في تأدية رسالته، كما أن عدم وجود العقاب الرادع لمعاقبة المخطئ ، شجع المنحرفين على الجهر بأمور البلطجة دون حياء أو خوف، وكذلك إهمال الثواب لمن يحسن عملا، ونشر ذلك ؛ ليكون قدوة حسنة، بل وقد يتعرض الذي أحسن عملا إلى النقد الجارح إلى حد التنمر ، مما أدى إلى نبذ القدوة الحسنة واتخاذها سخريا.
ومن أسباب انتشار هذه الظاهرة الدموية البطالة بين الشباب، والطريق المسدودة أمامهم والمستقبل المظلمة حواشيه، والارتفاع الجنوني للأسعار، مما زاد الفقير فقرا، المريض مرضا والجاهل جهلا، فعجز كل منهم في علاج مشكلته، وكذلك التفكك الأسرى، وسوء أخلاق من قاموا بتوجيه البلطجى وهو طفل على أمور البلطجة، يعتقد ألا أحد يستطيع أن يرده بقوة سلاحه الذى يحمله، وتهوره واندفاعه، وبنيانه الجسمانى، أوبأخلاقه الفظة، وزرع فيه أهله إرهاب خلق الله، أوأحياناً يكون الشخص البلطجى قد نشأ بدون توجيهه من الأساس من أسرته كتغيب الأب فى السجن أو تناول مخدرات أو هجر منزله لمنزل آخر وزوجة أخرى أو وفاة الأب وينشأ الطفل دون توجيه من خال أو عم أو أسرة تقوم برعايته وتوجيهه بأسلوب رادع بوعى كأنه ابنهم، أوأن يكون البلطجى ناتج عن خروج شخص من السجن ولم يجد عمل يتحول لمجرم أشد إجراماً قبل دخوله السجن.
والبلطجة بكافة صورها تشكل خطراً يداهم أى إنسان فى أية لحظة، وفى أى مكان بدءً من تشكيلات عصابية (بلطجة لفظية،، أو بلطجة عدوانية تؤدى للضرر البالغ بالمجتمع كحوادث الاغتصاب والتحرش تهاجم البنات والنساء، أو بغرض السرقة أو بغرض القوة والسيطرة، والسرقة بالإكراه من الشباب والرجال، أو تعرض الشباب الملتزم المحترم على أيدى البلطجية لسب وشتم ويتطور الأمر للقتل على يد بلطجى، لمجرد الغيرة منه ويشعر بالراحة لإلحاق الضرر، والتعدى على السائقين فى الطرق وسلب كل ما يملك السائق وأحيانا يكون البلطجى ليس من المسجلين خطر.
البلطجة تنشر الخوف والرعب فى نفوس الناس ، ويكبر شعور المواطن الصالح بعدم الأمن وهذا يسعد نفس البلطجى، بل ويعتقد البلطجى أنه حقق إنجازا حين يفزع ويرعب الآخرين المسالمين، ولذا يجب على أجهزة الأمن محاربة مكاتب تأجير البلطجية، ففى كل محافظة نرى بلطجية فى كل مكان فى الشوارع والمترو ومواقف السيارات والمقاهى والكافيهات، بل وفى المدارس نرى من يهدد زملاءه، حتى يكره التلميذ مدرسته، وهنا يجب أن يتدخل مدير المدرسة بإنذار لولى أمر الطالب البلطجى، وبعد ذلك إن لم يحل الأمر يطلب المدير تدخل رجال الأمن، والبلطجية منتشرة فى طريق الطلاب لمدارسهم تسبب لهم الرعب والفزع، حتى أصبح كل من يرى بلطجية فى منطقته يبتعد ويخاف، حتى يستفحل أمر البلطجى، ويزيد من أدوات بلطجته من يحمل صدادة حديد دائرية وسلاحا أبيض “سيف”، ويشاهد الناس معارك بالأسلحة النارية فى الأماكن الشاغرة بالسكان مما يؤدى لوقوع الكثير من الضحايا.
لابد من مقاومة البلطجة قبل أن تستفحل في شوارعنا ، وتُعد قوتها فى المستقبل ضد الناس أقوى أن تُصد أو أن تُردع ولا تستطيع الشرطة أن تدفعهم عن المواطنين، ومن هنا أُطلق جرس إنذار وهو إن لم يُردع البلطجية، فسيهاجمون الناس والشرطة فى أية لحظة وفى كل مكان.
ولابد أيضا من رادع شديد،، وعلى أجهزة الأمن التحرك والقبض عليهم، وتطبيق قانون أمن الدولة طوارئ؛ حتى لا تعم الفوضى فى البلاد ويخضع الكثير من الناس لقوانينهم الإجرامية ؛ كي لا نترك الفساد ينتشر فى الأرض ، فلسنا فى عصر الفتوات والأقوى بلطجة يسود فى فرض الإتاوات على السيارات الأجرة ونهب الأراضى، لا نصبر حتى يُخرجوا الناس من مساكنهم والسيطرة على ممتلكات البشر عينى عينك،، وختاما قول الرسول صلى الله عليه وسلم :«المُسْلمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
متى تختفي بلطجة الشوارع؟