اخبار مصر

مصر تسعي للعوده لعرش الغزل والنسيج

مصر تسعي للعوده لعرش الغزل والنسيج

كتبت وفاء فتحي

بكل ثقة، وبكل فخر، لا يمكن القول بأن ما يحدث من إعادة إحياء مصانع شركة مصر للغزل والنسيج، بالمحلة الكبرى، مجرد عملية تطوير، وإنما ما يحدث هو إعادة بناء وإنشاء لمصانع جديدة، بمعايير العصر ووفق أحدث تكنولوجيا يشهدها العالم في صناعة الغزل والنسيج، ومن المنتظر أن يبدأ التشغيل التجريبى لها فى يونيو المقبل وفقاً لتأكيدات مصادر مسئولة فى شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى.
المؤكد أن ما يحدث فى مصانع المحلة، هو إعادة بعث حقيقى لهذه الصناعة التى كادت أن تموت لأسباب عديدة، سوف أتعرض لها فى هذا المقال، بل ما يحدث هو ملحمة جديدة سوف يسجلها التاريخ للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى قرر إعادة الحياة لمصانع شركة مصر للغزل والنسيج فى المحلة الكبرى، ليس بمعنى إعادة الحياة لعنابر مصانع تلك الشركة العريقة التى بناها وأسسها رجل الاقتصاد طلعت حرب، فالرؤية هذه المرة أشمل وأكبر ويأتى فى مقدمتها إعادة الحياة لمدينة المحلة الكبرى بشكل كامل لتصبح مدينة عالمية لصناعة الغزل والنسيج، تلك الصناعة التاريخية والتى نمتلك فيها مزايا نسبية عديدة، تجعل مصر بصفة عامة من أهم مراكز صناعة الغزل والنسيج فى العالم بداية من تميز القطن أو كافة مكونات هذه الصناعة التى ستعيد الغزل والنسيج المصرى لمكانته، وبالتحديد فى صناعة الملابس الجاهزة.
وعندما نتحدث عن رؤية الرئيس السيسى لكى تستعيد مصر مكانتها العالمية فى صناعة الغزل والنسيج، فقد بدأ ذلك بمشروع كبير للغزل والنسيج افتتحه الرئيس السيسى من قبل فى الروبيكى بمدينة بدر، فلابد من تلك العودة التى عشتها بنفسى، لنعرف وندرك أن ما يحدث من إعادة بناء وإعادة الحياة لمصانع شركة مصر للغزل والنسيج، الآن، هو ملحمة وطنية بحق، ولو كان هذا الذى يحدث فى المحلة الآن فى دول أخرى، لأشاد به الذين يهاجمون تلك الملحمة الآن.
ولكن العجيب أن الدولة تبذل كل هذا الجهد لإعادة صناعة كان البعض يعتبرها انتهت، فنجد من يهاجمون هذا الجهد الوطنى ويعتبرونه إهداراً للمال العام والحقيقة أنه إحياء وإعادة استثمار لمال عام كان معرضاً للضياع، فتحركت الدولة بخطة ورؤية وطنية لاستعادته، ولذلك لابد أن أعود إلى الوراء، وتحديداً حتى نعرف قيمة ما يحدث الآن، وأنه إنجاز بمعنى الكلمة، فمنذ منتصف تسعينيات القرن الماضى، وبداية عملية الخصخصة، صدرت التعليمات بعدم الاستثمار فى أى من مصانع قطاع الأعمال العام، بأى شكل من الأشكال، وبصفة خاصة مصانع الغزل والنسيج.
وبينما كانت تلك الصناعة تنمو بنجاح فى دول جنوب شرق آسيا وبعض دول الجوار، كان هناك قرار سياسى مع سبق الإصرار والترصد فى تسعينيات القرن الماضى أن تموت تلك الصناعة فى مصر، وبالفعل تعثرت بشكل كبير، وزادت خسائرها بشراسة، وفقدت الشركات القدرة على التطوير والتحديث، ليس فى معدات المصانع فقط، ولكن فى إنتاج منتجات تساير خطوط الموضة العالمية.
وزاد المخزون وعجزت الشركات عن دفع مرتبات العاملين، فى الوقت الذى كان ينتشر فيه الفساد فى كل مكان، وتزيد معدلات تهريب كافة المنتجات النسجية بالمليارات من منافذ متعددة أو تدخل بأشكال مختلفة من بورسعيد أو عبر المناطق الحرة الخاصة لكبار رجال الأعمال وقتها أو من خلال نظام السماح المؤقت، ثم جواز المرور لصادرات الملابس الجاهزة عبر «الكويز» الإسرائيلى.
كانت هناك ظروف قاسية لحصار تلك الصناعة، ليس سببها العمال كما يروج البعض، ولكن كانت هى سياسات الدولة فى تلك المرحلة.
وتذهب حكومات وتأتى حكومات، ولا يتغير الشعار والتصريحات الخاوية من مضمونها عن خطط متكررة لتطوير صناعة الغزل والنسيج.
كان التطوير محدودا بهدف إبقاء تلك الشركات على جهاز التنفس الصناعى بشكل دائم، وساعد بعض الوزراء وقتها، على تصفية بعض الأنشطة، وانتزاع مساحات من أراضى تلك الشركات لبيعها بزعم سداد الديون، ومع ذلك لا جديد حتى أصبح هناك عجز كبير فى توفير المرتبات، ومن ثم قررت وزارة المالية وقتها تخصيص نحو 150 مليون جنيه شهريا للمساهمة فى سداد أجور العاملين بتلك الشركات، لمنع الإضرابات التى تكررت كثيراً فى العديد من المصانع، خاصة فى مصانع المحلة وكفر الدوار.
وحدث ما حدث، وأصبحنا وفق أقوال شائعة من بعض الوزراء فى هذه المرحلة، أن شركتى المحلة وكفر الدوار أصبحت كل منهما كالفيل العجوز الذى أوشك على الموت، والذى من المستحيل أن يقف على رجليه مرة أخرى ولا بديل عن تصفيته كنا نسمع ذلك، ونرى أحوال تلك الصناعة تسوء يوما بعد يوم، وكان هناك من حاول أن يتصدى لإيقاف هذا المصير، لكن التوجه وقتها كان أن تموت تلك الصناعة تدريجياً، وبالفعل أغلقت الكثير من المصانع أبوابها فى شركات عديدة، وكما قلت هناك من حاول، وكنت أذهب لزيارة العديد من الشركات، خاصة مصانع شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة.
كنت أرى شموخ التاريخ فى صناعة مصرية أصيلة، قبل أن تصدر التوجيهات السياسية بوقف أى استثمار أو تطوير فيها.
واستمرت هذه الحال، حتى جاء الرئيس السيسى إلى الحكم، ليعلن عن إرادة سياسية وطنية مختلفة، أساسها المصلحة العليا لمصر ويقرر إعادة الحياة إلى هذه الصناعة التاريخية، ليس لأنه يعمل بها نحو 50 ألف عامل فقط بشكل مباشر، ولكن لأنها صناعة الصناعات فى مصر المحروسة، والتى سوف تنهض معها الكثير من الصناعات لدى القطاع الخاص إنتاجاً وتصديراً فى المنسوجات والملابس الجاهزة ومن ثم إيجاد الآلاف من فرص العمل، التى هجرت المصانع للعمل على «التوك توك».
وقبل هذا وذاك، إعادة الاعتبار إلى القطن المصرى خاصة الطويل التيلة الذى تملك فيه مصر مزايا فريدةً بل وإضافة القطن قصير التيلة الذى أصبح مطلوباً بسبب الماكينات الحديثة، وهذا فى حد ذاته يضيف الآلاف من فرص العمل ويزيد من دخول الفلاحين المصريين.
نعم، رؤية الرئيس السيسى للتركيز على إعادة إحياء وبناء صناعة الغزل والنسيج فى مصر، رؤية استراتيجية ثاقبة لصناعة الصناعات، التى يمكن أن أسجل أن النهوض بها، هو من أهداف الأمن القومى المصرى.
الأهم ان عملية إحياء تلك الصناعة مرة أخرى لم تكن عشوائية أو على سبيل الاختيار

مصر تسعي للعوده لعرش الغزل والنسيج

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار