مع مولد النور /
بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – مصر ٠
يومَ يتيهُ على الزّمانِ مساؤُهُ
و صباحُه بمحمٍّد وضَّاءُ
( أمير الشعراء أحمد شوقي )
قالت السيدة آمنة، والدة النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، إنها رأت عند ولادته نورًا أضاء كل شيء من حولها، بما في ذلك قصور الشام. وأشارت الأقوال إلى أن هذا النور أضاء من المشرق إلى المغرب، وأنها سمعت نداءً يقول: “إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا” ٠
و قال عمه أبو طالب مادحا سجاياه و مناقبه :
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بوَجْهِهِ ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ ٠
و يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدح الرسول صلى الله عليه و سلم :
أجمل منك لم ترى قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء.
و لله در أمير الشعراء أم شوقي :
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ · وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ ٠
نعم لقد نالت الشخصية المحمدية حبا من العربي و العجمي حيث إنه النبي الداعي إلى الهدى و السلام و العدل فمولده حقا نور في أقواله و أفعاله و تقريره منهج حياة إلى الصراط المستقيم ٠
وأزدانت الدنيا بنور محمد – صلى الله عليه وسلم فقد ولد في شهر ربيع الأول و قد اختار المسلمون الثاني عشر منه موافقا لقدومه إلى المدينة المنورة حيث استقبل الناس موكب النور الذي أمره بالسلام و إطعام الطعام و صلة الأرحام ٠٠٠
و نعود عزيزي القارىء الكريم إلى هذا الحديث الذي رواه الإمام الترمذي حديثا في عظمة النبي صلى الله عليه وسلم ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻗﺎﻝ: ﺟﻠﺲ ﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﻓﺨﺮﺝ ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﺩﻧﺎ منهم ﺳﻤﻌﻬﻢ ﻳﺘﺬاﻛﺮﻭﻥ ﻓﺴﻤﻊ ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ:
ﻋﺠﺒﺎ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ اﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺧﻠﻴﻼ، اﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺧﻠﻴﻼ،
ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ: ﻣﺎﺫا ﺑﺄﻋﺠﺐ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻣﻮﺳﻰ ﻛﻠﻤﻪ ﺗﻜﻠﻴﻤﺎ،
ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ: ﻓﻌﻴﺴﻰ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﻭﺣﻪ،
ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ: ﺁﺩﻡ اﺻﻄﻔﺎﻩ اﻟﻠﻪ. ﻓﺨﺮﺝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺴﻠﻢ،
ﻭﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﻛﻼﻣﻜﻢ ﻭﻋﺠﺒﻜﻢ ﺇﻥ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻣﻮﺳﻰ ﻧﺠﻲ اﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻋﻴﺴﻰ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻛﻠﻤﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺁﺩﻡ اﺻﻄﻔﺎﻩ اﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ، ﺃﻻ ﻭﺃﻧﺎ ﺣﺒﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﻓﺨﺮ، ﻭﺃﻧﺎ ﺣﺎﻣﻞ ﻟﻮاء اﻟﺤﻤﺪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻻ ﻓﺨﺮ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻭﻝ ﺷﺎﻓﻊ ﻭﺃﻭﻝ ﻣﺸﻔﻊ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻻ ﻓﺨﺮ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﺤﺮﻙ ﺣﻠﻖ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻴﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻓﻴﺪﺧﻠﻨﻴﻬﺎ ﻭﻣﻌﻲ ﻓﻘﺮاء اﻟﻤﺆمنين ﻭﻻ ﻓﺨﺮ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻛﺮﻡ الأولين ﻭاﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻻ ﻓﺨﺮ.
و للشعر كلمة تجسد لنا سيرة هذا النبي محمد صلى الله عليه و سلم و مواقفه الإنسانية منذ مولده فهو النبي الخاتم سيد الأنبياء و المرسلين و الصادق الأمين و الرحمة المهداة للعالمين ٠٠
و ها هو الإمام البوصيري رحمه الله :
أَبَانَ مَوْلِدُهُ عَنْ طِيْـــــبِ عُنْصُرِهِ … يَا طِيْـــبَ مُبْتَدَءٍ مِنْهُ وَمُخْتَتَمِ
يَوْمٌ تَفَرَّسَ فِيْه الفُرْسُ أَنّهُمُ … قَدْ أُنْذِرُوا بِحُلُولِ الْبُؤْسِ وَالنّقَمِ
وَبَاتَ إِيْوَانُ كِسْرى وَهُوَ مُنْصَدِعٌ … شَمْلِ أَصْحَابِ كِسْرى غَيْرَ مُلْتَئِمِ
وَالنّارُ خَامِدَةُ الْأَنْفَاسِ مِنْ أَسَفٍ … عَلَيْهِ وَالنَّهْرُ سَاهِيْ العَيْنَ مِنْ سَدَمِ
وَسَاءَ سَاوَةَ أَنْ غَاضَتْ بُحَيْرَتُهَا … وَرُدَّ وَارِدُهَا بِالغَيْظِ حِيْنَ ظَمِيْ
كَأَنَّ بِالنّارِ مَا بِالْمَـــــاءِ مِنْ بَلَلٍ …حُزْنًا وَبِالمَاءِ مَا بِالنّارِ مِنْ ضَرَمِ
وَالْجِنُّ تَهْتِفُ وَالْأَنْوَارُ سَاطِعُةً … وَالْحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَّعْنىً وَمِنْ كَلِــــمِ
عَمُوْا وَصَمُّوا فَإِعْلَانُ الْبَشَائِرِ لَمْ … تُسْمَعْ وَبَارِقَةُ اْلِإنْذَارِ لَمْ تُشَمِ
مِنْ بَعْدِ مَا أَخْبَرَ الْأَقْوَامَ كَاهِنُهُمْ … بِأَنّ دِيْنَهُمُ الْمُعَوَّجُ لَمْ يَقُـــــــمِ
وَبَعْدَمَا عَايَنُوْا فِيْ الْأُفُقِ مِنْ شُهُبٍ … مُنْقَضَّةٍ وَّفْقَ مَا فِيْ الْأَرْضِ مِنْ صَنَمِ
حَتَّى غَدَا عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ مُنْهَزِمٌ … مِنَ الشَّيَاطِيْنَ يَقْفُ إِثْرَ مُنْهَزِمِ
كَأَنَّهُمْ هَرَباً أَبْطَالُ أَبْرَهَـــــــــــــــــــــةٍ … أَوْ عَسْكَرٌ بِالَحَصى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِيْ
نَبْذاً بِهِ بَعْدَ تَسْبِيحٍ بِبَطْنِهِمَا … نَبْذَ الْمُسَبِّحِ مِنْ أَحْشَاءِ مُلْتَقِمِ ٠
و في عصرنا الحديث المعاصر يقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ ٠
و مع مولد النبي محمد صلى الله عليه و سلم مدحه كثير من شعراء مسيحيين عرب، و منهم الشاعر اللبناني إلياس فرحات يتجلى في مدحه للرسول من واقع الأمة العربية قائلا:
يا رسول الله إنا أمة زجها التضليل في أعمق هوّة
ذلك الجهل الذي حاربتَه لم يزل يظهر للشرق عتوّه ٠
و يطالعنا الشاعر السوري جاك شماس المولع بحب النبي بشعره مدحا في محمد قائلا:
إني مسيحي أجل محمدا … وأجل ضادا مهده الإسلام
وأجل أصحاب الرسول وأهله … حيث الصحابة صفوة ومقام
أودعت روحي في هيام محمد دانت له الأعراب والأعجام ٠
و في الختام و بعد هذا العرض الموجز لا يسعنا إلا أن نقول صلاة و سلاما عليك يا رسول يا خير مبعوث بالرحمة من رب العالمين إلى الناس أجمعين ٠
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد في كل ملأ و حين آمين ٠
مع مولد النور /
بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – مصر.