الرئيسيةمقالاتمفروضات تتعلق بكل مسلم
مقالات

مفروضات تتعلق بكل مسلم

مفروضات تتعلق بكل مسلم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أما بعد اعلموا أن التقوى مثل كنز عزيز ونفيس لئن ظفرت به فكم تجد فيه من خير عميم ورزق كريم، فكأن خيرات الدنيا والآخرة جمعت في خصلة واحدة، وهذه الخصلة هي تقوى الله عز وجل، وقد إختلف الناس في تعريف التقوى، فقال بعضهم التقوى هي العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والإستعداد ليوم الرحيل والرضا بالقليل، وقال بعضهم أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله، وقال بعضهم التقوى هي علم القلب بقرب الرب، وأحسن من ذلك تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للإحسان في حديث جبريل قال “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” أي أن التقوى هي الإحسان.

وهي المراقبة، وهي أن تعبد الله عز وجل كأنك تنظر إليه، وكان السلف يعبدون الله عز وجل على المشاهدة، كما روي أن عروة بن الزبير خطب من ابن عمر ابنته في الطواف، فلم يرد عليه ابن عمر، فلما إنتهى من الطواف اعتذر إليه وقال كنا في الطواف نتخيل الله بين أعيننا، اتقوا الله ربكم، اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن الله افترض على المسلمين واجبات مفروضة على العباد لتستقيم الحياة، وتصلح الشعوب، وتبنى الحضارات، وتحيا الأمم، وهذه المفروضات تتعلق بكل مسلم، والمسلم هو المكلف، وهو الذي ترجح عقله، ببلوغه سن التكليف، فيا أيها المؤمنون إن الأبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم، بهم تقر عيون الآباء والأمهات، وبهم يزدان الكون والحياة، وقد علمنا القرآن الكريم في الدعاء أن نقول “ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما”

نعم، فإن هؤلاء الأبناء والشباب أمانة ومسؤولية في أعناق الآباء والأمهات، وفي أعناق المربين والمربيات، فماذا قدمنا لهم، وإلى أي مدى وإلى أي عمر وسن نقدم لهم من العطاء؟ فإذا بدأنا بالشباب نبدأهم بهم من طفولتهم، فالطفل نبتة صغيرة تنمو وتترعرع، فتصير شجرة نافعة مثمرة أو وارفة الظلال، أو قد تصير ضارة غير نافعة شجرة شائكة أو سامة والعياذ بالله، وكل يتمنى أن يكون ولده شابا قويا نافعا، يحمل رسالة ويبني حضارة، وإنه حتى نربي جيلا من الأشجار المثمرة، أو وارفة الظلال فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية، مع حسن التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم، فمن واجبك تجاه ولدك أن ترعاه وتحسن إليه، وتكرمه وتعطف عليه، ولا شك أن كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته، فهو دائما يدعو الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته، يعده ويمنّيه إن نجح في دراسته، ويتوعده ويهدده إن رسب في دراسته.

ولكن أي نجاح تريده لابنك؟ وأي استمرار وبناء تبغيه من ولدك؟ فالمسألة أيها الأب الحنون ليست مسألة نجاح أو رسوب في الدراسة فحسب، بقدر ما هي مسألة نجاح أو رسوب في الحياة، فما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبنائنا، وننشئ جيلا قوي الإيمان يثبت على الحق، ويحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته، وكلنا يردد بأن الإسلام دين العلم، وقد جاء القرآن ثورة ضد الجهل والتخلف، ولكن الواقع يشير إلى أن المسلمين في قمة الجهل والتخلف، فهل العيب في المصدر أم في المتلقي؟ فنعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا، ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان بنا هجانا، هذا وإن بداية أي إصلاح تبدأ من إصلاح التعليم وحسن التربية، وليس المقصود بالتربية الدينية والأخلاقية فقط، أو التربية الوطنية فحسب.

بل يضاف إلى ذلك التربية العقلية والنفسية، فهي التربية الكاملة الشاملة، فمن ذا الذي يقوم بذلك؟ إنه أنت أيها الأب الكريم، يا من تهتم بولدك لتعده ليصبح شابا، ويا من تقدم لولدك من الطعام أطيبه، ومن الثياب أجملها، وتشتري له من السيارات أحدثها، وتحاول أن تبني له من البيوت أفخمها، فهلا تأملت وتوقفت مع ذاتك ماذا قدمت له ليتعلم الحياة، ماذا أعطيته ليكون نافعا في دنياه ناجحا في آخرته؟ لذا كان إهتمامك بولدك، وقيامك بهذا الدور من أوجب الواجبات، وأعلى القربات، وأجلّ المهمات، وأشرف المقامات، نسأل الله العلي العظيم الجليل الكريم أن يؤتي أنفسنا تقواها، وأن يزكيها هو خير من زكّاها، فاللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، ودمّر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *