
هل تكون السويداء هى نقطة العبور إلى الفرات
كتب : وائل عباس
كانت سوريا منذ عهد ليس ببعيد مسرحا للعمليات المخابراتية لعدة دول وقوى عالمية وأقليمية ؛ كل دولة من تلك الدول لها دوافعها وأهدافها واطماعها فى سوريا ؛ بل ويتداخل أمنها القومي مع اوضد النظام السورى الحاكم .
ف روسيا وإيران وحزب الله اللبنانى كانوا أكبر الداعمين للنظام العلوى السورى الذى يتسيده ” بشار الأسد ” ؛ وبالطبع تلك القوى كانت تساند وتدعم بقوة ذلك النظام ؛ وعلى العكس تماما فذلك التحالف كان ضد مصالح واهداف قوى أخرى اولها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والتى تسعى حثيثا لهدم أى قوى عسكرية تنافسها فى الشرق الأوسط وتهدد امنها ووجودها ؛ أضف إلى ذلك دولة بحجم تركيا والتى يتداخل أمنها القومي ويرتبط بالشمال السورى نظرا لوجود الأكراد العدو اللدود للأتراك ؛ كما ترتبط المعادلة أيضا ارتباطا وثيقا بالمملكة العربية السعودية التى تسعى لأنهاء النفوذ الشيعى الإيراني فى المنطقة .
وعندما سقطت سوريا في أيدى نظام ميليشيات الجولاني بدأت كل دولة ساندت هذه الميليشيات فى أجتزاء نصيبها من تلك الكعكة ؛ وشرعت الدول المتنازعة فى فرض هيمنتها على أجزاء من الأراضي السورية فدخل الاتراك شمال ؛ وهرعت إسرائيل فى الأعتداء والبلطجة البربرية بحجة حماية الدروز ؛ حتى أشتعل الموقف فى السويداء ودارت اشتباكات بين القبائل العربية والدروز وسط اتهامات بتدخلات خارجية
وتعيش محافظة السويداء السورية، ذات الغالبية الدرزية، على وقع توترات متصاعدة تحولت إلى اشتباكات مسلحة بين بعض القبائل العربية ومجموعات مسلحة درزية، وسط اتهامات متبادلة بالتخريب، والسعي لفرض النفوذ على المنطقة الخارجة جزئيًا عن سيطرة النظام السوري منذ سنوات.
وفي خضم هذه الأحداث، برزت ميليشيا “الجولاني” – في إشارة إلى فصائل محسوبة على “هيئة تحرير الشام” أو مجموعات مسلحة أخرى من شمال سوريا – كعنصر مثير للجدل، خاصة بعد تقارير عن تحركاتها ومحاولات تمددها باتجاه الجنوب السوري.
خلفيات الصراع
محافظة السويداء، المعروفة بتاريخها العريق وتقاليدها العشائرية، ظلت لسنوات بعيدة نسبيًا عن دائرة الحرب السورية المباشرة، إلا أن فراغ السلطة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية فتحا المجال أمام تصاعد التوترات الداخلية. وتشير مصادر محلية إلى أن القبائل العربية في محيط السويداء بدأت تواجه ضغوطًا من بعض المجموعات المسلحة الدرزية، التي تتهمهم بالعمل لصالح جهات خارجية، بينما يرى العرب أن هناك محاولات لفرض الهيمنة على أراضيهم ومصادرة حقوقهم.
مزاعم دعم إسرائيلي
في تطور خطير، تحدثت تقارير إعلامية غير مؤكدة عن دعم إسرائيلي غير مباشر لبعض المجموعات الدرزية في السويداء، وهو ما تراه القبائل العربية تهديدًا للأمن القومي السوري، ومحاولة لخلق “حزام أمني طائفي” يخدم الأجندات الإسرائيلية في الجنوب السوري، بالقرب من حدود الجولان المحتل.
إسرائيل، التي تحتفظ بعلاقات غير معلنة مع بعض قيادات درزية في الجولان، تتهمها جهات عدة بالسعي لتعميق الشرخ بين مكونات الجنوب السوري، مستغلة الهشاشة الأمنية والنزاعات الأهلية.
ميليشيات الجولاني: شوكة في الخاصرة
من جهة أخرى، يُتهم تنظيم “هيئة تحرير الشام” بقيادة أبو محمد الجولاني بمحاولة التمدد إلى الجنوب عبر إرسال مجموعات متسللة من إدلب نحو درعا والسويداء، مستغلًا فراغ السلطة والاحتقان الشعبي. إلا أن هذه الميليشيات تُقابل برفض واسع من أهالي المنطقة، بما فيهم الكثير من الدروز والعرب، نظرًا لتاريخها الدموي وتطرفها.
مستقبل غامض
الوضع في السويداء يشي بتعقيدات كبيرة، خاصة في ظل غياب الدولة المركزية عن إدارة الملف بشكل فاعل، ووجود أطراف خارجية تحاول الاستثمار في الخلافات المحلية. ورغم الدعوات إلى التهدئة والحوار بين أبناء الجنوب، فإن استمرار تدفق السلاح والتحريض الإعلامي ينذر بمزيد من التصعيد، ما لم يتم احتواء الأزمة في أقرب وقت.
ختامًا، تبقى السويداء مرآة لحالة سوريا الأوسع: دولة تنهكها الحرب، وشعب يتقاتل تحت عباءة الطائفية والتدخلات الخارجية، بينما تنتظر أغلبية صامتة حلاً يعيد للوطن وحدته، وللأرض استقرارها .
هل تكون السويداء هى نقطة العبور إلى الفرات
هل تكون السويداء هى نقطة العبور إلى الفرات