هنا نابل | بقلم المعز غني
لقد أوشك العام على الرحيل …
لقد أوشك العام على الرحيل ، يمضي متثاقلًا كشيخٍ حكيمٍ يحمل على كتفيه أثقال الحكايات ، ويترك لنا خلفه دروسًا لا تُحصى ، وذكرياتٍ لا تُنسى.
اثنا عشر شهرًا مرّت ، لم تكن مجرّد أرقامٍ في تقويم ، بل كانت محطاتٍ من عمرٍ عشناها بكل ما فيها ، حملت بين طيّاتها أحداثًا ومشاعر ومواقف ، جمعتنا بأناسٍ كنا نظنهم دائمين ، وفارقتنا عن أناسٍ حسبناهم عابرين ، فإذا بالقلوب تتعلّق ، وإذا بالفراق يعلّمنا أن لا شيء يدوم سوى الله .
سنةٌ [ 2025] ، أخذت منا الكثير، من أحلامٍ تأجّلت، ومن وجوهٍ غابت ، ومن طرقٍ أُغلقت ، لكنها في المقابل منحتنا أيامًا أضيفت إلى أعمارنا ، وخبراتٍ نُقشت في أرواحنا ، ونضجًا لم نكن لندركه لولا الألم.
مضت سنةٌ كانت مليئة بألطاف الله الخفيّة ، تلك التي كانت تلاحقنا ونحن لا ندري ، تنقذنا في اللحظة الأخيرة ، وتخفّف عنا ثقل الأيام دون أن نشعر ، وتفتح لنا أبوابًا حين ظننا أن كل الأبواب قد أُغلقت .
عشنا أيامها بحلوها ومرّها ، تذوّقنا فيها طعم الفرح حتى الثمالة ، وجرّعنا مرارة الحزن حتى الصمت بكينا حتى جفّت الدموع ، وضحكنا حتى نسينا الوجع ، تعثّرنا فظننا السقوط نهاية ، فإذا به بداية جديدة لقوةٍ لم نكن نعرفها في أنفسنا.
حققنا نجاحاتٍ صغيرة وكبيرة ، وفشلنا مرّات ، لكننا تعلمنا أن الفشل ليس هزيمة ، بل درسٌ قاسٍ يربّي فينا الصبر ويهذّب الطموح.
وفي نهاية السنة ، حين نقف على عتبة الوداع ، نراجع ذاكرتنا ونقلب صفحات الأيام ، لا نجد أصدق ولا أنقى ولا أعمق من كلمةٍ واحدة تختصر كل شيء :
الحمد لله
الحمد لله على ما كان ، وعلى ما لم يكن ، وعلى ما تأخّر ، وعلى ما جاء في وقته ، الحمد لله على النِعم الظاهرة ، وعلى النِعم التي أدركناها متأخرين ، وعلى البلاء الذي علّمنا كيف نلجأ إليه وحده.
يا رب ، سنةٌ جديدةٌ [ 2026] نقبل عليها بقلوبٍ متعبة لكنها مملوءة رجاءً ، فإجعلها سنة سترٍ ورحمة ، سنة مغفرةٍ تطهّر القلوب من أثقالها ، وتجدد الأمل في النفوس ، وتمنحنا راحة البال وطمأنينة الروح.
وأجعلها سنةً نقترب فيها منك أكثر ، ونصالح فيها أنفسنا ، ونودّع فيها ما يؤلمنا ، ونستقبل ما يليق بكرمك ولطفك .
هكذا نودّع عامًا [ 2025 ] ، لا بالندم بل بالامتنان، ولا بالخوف بل بالأمل ، مؤمنين أن القادم بيد الله ، وأن ما إختاره لنا هو الخير ، وإن خفيت حكمته .
كل عام وأنتم بألف خير وصحة وسلامة وينعاد علينا وعليكم أعوامًا عديدة وسنين مديدة ونحن جميعا في أحسن حال../.
✍ بقلم المعز غني
بقلم المعز غني عاشق
الترحال وروح الاكتشاف

