هنا نابل | بقلم المعز غني.. رسالة تأبين إلى روح الصديق الغالي المرحوم صابر بن عمر
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
يا صابر …
أأكتب إليك اليوم لأواسي نفسي أم لأعاتب القدر؟
أأبعث إليك رسالة وقد سبقنا إليك الصمت ،
أم أرتّب الحروف علّها تشرح وجعًا أثقل القلب ولم يجد له اسمًا؟
بقلوب يعتصرها الحزن ونفوس موجوعة لفراقك ، نودعك اليوم يا صديق الروح ورفيق الدرب ، رحلت جسدا وبقيت أثرا طيبا لا يمحوه الزمن وذكرى عطرة تسكن تفاصيل أيامنا .
رحلتَ يا صديقي ، ولم ترحل صورتك من الذاكرة ، ولا غاب صوتك من دهاليز الروح ، رحلت جسدا وبقيت أثرا طيبا يمشي فينا كأنك لم تودّعنا ، بل تركت الباب مواربًا للحنين .
كنتَ أكثر من صديق … كنت الأخ حين تضيق الدنيا ، والسند حين تميل الجدران ، والضحكة التي تأتي في غير موعد ، والنصيحة التي تلبس ثوب الصدق دون تجمّل .
عرفناك نقيّ السريرة ، طاهر القلب ، خفيف الروح ، تزرع الفرح حيثما حللت وتترك العطر حيثما مررت ذو وجه صبوح وإبتسامة لن تغيب عن وجهك .
واليوم …
نقف أمام غيابك كما يقف الطفل أمام فجيعة لا يفهمها ، ننظر إلى الأماكن التي جمعتنا ، فنراها خاوية وإلى الذكريات فنراها دامعة
وإلى السماء فنرفع أكفّنا
سائلين الله أن تكون في مقامٍ خير من مقامنا هذا .
يا صابر…
كيف للغائب أن يكون حاضرًا بهذا العمق؟
وكيف للزمن أن يواصل مسيره
وقد تعثّر في أسمك؟
نعزّي أنفسنا بأنك رحلت إلى رحمة أوسع من صدورنا ، وإلى عدالة أحن من قلوبنا ، وإلى رب لا يضيع ودائع المحبين.
نسألك الدعاء يا رب ، ونحن نودّع عبدًا من عبادك ، شهدنا له بالأخلاق قبل كل شيء ، وبالصدق قبل كل مجد ، وبالروح الجميلة قبل كل صفة .
اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة ، ولا تجعله حفرة من حفر النيران .
اللهم أنسه في وحدته ونور له ظلامه ،
وأرفع درجته في عليين ، وأجمعنا به في مستقر رحمتك
رفقة الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين
حيث لا فراق ولا وجع ولا دموع.
صابر بن عمر …
نم قرير العين يا صديقي ، فذكراك فينا صدقة جارية ، وحبنا لك دعاء لا ينقطع وأسمك أصبح نشيد حنين في قلوبنا .
إنا لله وإنا إليه راجعون ،
ولا نقول إلا ما يرضي الله ،
لكن القلب موجوع ،
والفقد أكبر من الكلمات.
رحمك الله رحمة الأبرار ، وغفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر
وجعل مثواك الجنة بغير حساب ولا سابق عذاب .
بإسم أسمائك الحسنى وصفاتك العلى، نسألك أن تحسن خاتمتنا يارب العالمين.
إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم../.
بقلم المعز غني
عاشق الترحال وروح الاكتشاف

