الرئيسيةمقالاتوأنتهى المشوار…أو هكذا يظنون
مقالات

وأنتهى المشوار…أو هكذا يظنون

هنا نابل / بقلم المعز غني

وأنتهى المشوار…أو هكذا يظنون 

 

عَيَّرتني بالشَّيب ، ويا ليتها عيَّرتني بما هو عار .

 

نسيت – أو تناست – أن الشيب تاج الوقار ،

 

وأن البياض الذي يسكن الرؤوس ليس علامة إنكسار ، بل شهادة عمر طويل ، وسجل أيام وسنين مرت علينا بما فيها من وجع وأمل ، سقوط ونهوض ، خذلان وصبر 

 

كبرنا … نعم . وهرمنا … ربما ، لكننا لم ننته 

 

كبرت ملامحنا لأن الحياة كانت قاسية ، وأثقلت كواهلنا بتجارب لا تعد ولا تحصى ، كبرنا لأننا حملنا فوق أكتافنا ما لا نحتفل 

 

وصمتنا حين كان الكلام لا يُجدي ، وتنازلنا حين كان التنازل هو النجاة .

 

كبرنا لأننا عرفنا الحقيقة مبكرًا : … وأن لا شيء يدوم ولا أحد يبقى كما كان ، لكن ، هل كبر القلب؟ لا … وألف لا

 

ما زال القلب شابًا ، يرتعش لذكرى جميلة ، ويبتسم لطفل يضحك من قلبه ، ويحن لأيام بسيطة كنا فيها نملك القليل…

 

ونحلم بالكثير .

 

الشيب ليس عيبًا ، العيب أن يشيب الضمير ، والتجاعيد ليست عارًا ، العار أن تتجعد الأخلاق ، أما نحن فقد شاخت أجسادنا قليلًا 

 

لكن أرواحنا ما زالت تركض ، خلف الأحلام المؤجلة 

 

يقولون: أنتهى المشوار … ولا يعلمون أن المشوار الحقيقي لا يُقاس بعدد السنوات ، بل بما زرعناه في قلوب من أحبّوهم ومروا بحياتنا 

 

لا يُقاس بسرعة الخطى ، بل بصدق النوايا ونقاء القلوب .

 

أنتهى مشوار الركض ، اي نعم ، لكن لم ينته مشوار الحكمة 

 

أنتهى مشوار التهور ، وبدأ مشوار التعقّل ،  

 

أنتهي زمن الضجيج ، وبدأ زمن الصمت العميق … الذي يفهم الحياة أكثر .

 

نحن جيلٌ لا يعرف الإستسلام ، حتى وإن أنهكه التعب ، نحن الذين تعلمنا أن نبتسم وسط العواصف و أن نخفي جراحنا ” خلف كلمة الحمد لله ” 

 

كبرنا …

 

لكننا لم نمت.

 

كبرنا …

 

لكن قلوبنا ما زالت تنبض بالحياة .

 

كبرنا …

 

وسنبقى شبابًا ما دام في القلب نبض وحياة وفي الروح أمل وفي الذاكرة دعاء .

 

فليعيرونا بالشيب إن شاؤوا ، نحن نرتديه فخرًا لا خجلًا ونحمله وسامًا يخبر الدنيا أننا مررنا من هنا وما زلنا واقفين .

 

لأن ببساطة شديدة الشباب هو شباب القلب 

 

وكما قال المثل الفرنسي الشهير : 

 

Avoir le cœur vert et l’esprit jeune 

 

بقلم المعز غني

 

عاشق الترحال وروح الاكتشاف…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *