الرئيسيةمقالاتويلات الحروب في البلاد
مقالات

ويلات الحروب في البلاد

ويلات الحروب في البلاد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب وأنزله في أوجز لفظ وأعجزِ أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وتعالي وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن الناس أحوج ما تكون في حالة الحروب والصراعات إلى من يسكب السكينة في قلوبهم، وينتشلهم من مشاعر القلق والتوتر والهزيمة النفسية، ويذكرهم بأنه مهما أصابنا من بلاء فلا نسمح أن تتسرب الهزيمة إلى داخل نفوسنا، وأن نداوي الهلع الذي سكن في بعض النفوس بالتذكير بمقامات الصبر والإحتساب، واليقين بموعود الله تعالي، وإن في قلوبنا خللا.

لا بد أن نتداركه بإفاضة معاني الثقة بموعود الله، وإحتساب الأجر عند نزول الضر، وإن أمر المؤمن كله له خير، إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر، وليس ذلك إلا للمؤمن، والتذكير بمواقف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه التي لم تكن مهما عظم كربها لتخرج النبي صلى الله عليه وسلم عن سكينته ورضاه، مثل موقفه في الهجرة، وموقفه والمؤمنين يوم الأحزاب، وإن بث الطمأنينة في قلوب الناس والسعي إلى إزالة القلق والهلع عنهم ينبغي ألا يصل بهم إلى درجة التخدير، وعدم إعطاء الحدث حقه من الخطورة، وذكرت المصادر الكثير عن الحروب وما تصنعة من دمار وخراب في البلدان، ونظرا لحالات النزوح الجماعي التي قد تتعرض لها مناطق بعينها أثناء الحروب، مما يؤدي إلى حدوث أزمات إنسانية منها قلة المواد الغذائية والوقود.

نتيجة لإنخفاض معدلات الأمن الغذائي، مقابل تزايد معدلات الفقر، وبدون شك يتأثر القطاع الزراعي بشكل مباشر وسريع نتيجة للحروب فلا توافر الأسمدة، ولا توجد تسهيلات لتنقلات آمنة للنتاج الزراعي أو مستلزماته، كما أن القوى البشرية تفقد الرغبة في العمل تحت وطأة ورهاب الحرب، لذا يعاني المجال الزراعي إنهيارا متتاليا بإستمرار ويلات الحروب في البلاد، وفي أوقات الحروب وبعد إنتهاء مجرياتها وأحداثها الدامية تقع البلاد المتناحرة تحت وطأة خمول النمو مقابل إرتفاع معدلات التضخم، وهذه نتيجة حتمية لإرتفاع السلع الرئيسة، مقابل إنخفاض قيمة العملة، بما يؤدي إلى تآكل الدخول، وضعف الإقبال على الطلب والشراء، يزاد على ذلك ندرة الإمدادات المتوقعة من دول الجوار أو الدول الصديقة، كما تتراجع مستويات الثقة لدى المستثمرين.

فتهرب رؤوس الأموال والإستثمارات لأماكن آمنة، ومن ثم تتراجع قيمة أصول الدولة التي تخوض غمار الحرب، وكما أن الحروب تخلف تضخما كبيرا في أسعار الطاقة بتنوعاتها المختلفة، فيصعب توسيع نطاق الإمدادات لها، بما يزيد من الضغوط المادية على الدولة بشكل مباشر، نتيجة لزيادة معدلات الإنفاق في هذا الخضم الخطير، وفي المقابل تكبح الدولة نشاطات تعد بمثابة شريان داعم للإقتصاد بها حيث يتوقف النشاط السياحي تماما، وتنعدم إستثماراته المتنوعة، كما تتضاءل معدلات التحويلات المادية داخل الدولة وخارجها، بما يحدث فجوة واسعة في معدلات النمو الإقتصادي، ويصل الأمر لزيادة معدلات النزوح، وتطفو على السطح ظاهرة اللجوء التي قد تضير بدول الجوار وإقتصاداتها، وأثناء خوض المعارك تتوجه إهتمامات الدولة نحو توفير الموارد.

والمستلزمات والأسلحة والعتاد العسكري، بغض النظر عن تكلفته الباهظة، فالغاية تبرر الوسيلة، وتحقيق النصر هو الهدف المنشود، مع التجاهل التام لتأمين الحياة الاقتصادية وما يتمخض عنها من أثار إجتماعية وصحية ونفسية وتعليمية وثقافية، فتنهار المؤسسات وأسواق العمل، وتتردى إنتاجية الشعوب بشكل مضطرد كلما زاد أمد الحرب وتوابعها، وبالتالي تتفاقم معدلات الفقر والبطاقة بشكل مخيف، قد يؤدي لسلوكيات مقيتة منها تزايد معدلات السرقة والإغتصاب والقتل والإعتداءات غير المبررة والخروج عن النظام العام لتعم الفوضى في صورتها الهدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *