**يعيش الأسطى سعد**
بقلمى : د/علوى القاضى.
… التطور مطلب حضارى ويتبعه النجاح وهناك من هم يرفضون هذا النهج وذلك لأنهم أغلقوا وجمدوا عقولهم على مستوى معين من الفكر وفرضوا على فكرهم الجمود وعزلوا أنفسهم عن مايدور حولهم من تقدم فى كل المجالات واغلقوا بصرهم ففقدوا بصيرتهم
… ودائما هناك صراع بين النجاح ومناصريه وبين الفشل وأصحابه وفى كل الأحوال دائما يتحول الفاشلون إلى حاقدين على الناجحين
… من خلال مسيرة حياتي العمليه وكثرة الأحداث والشخصيات مختلفه الفكر والطبائع واجهت هؤلاء :
… الإنسان ( الناجح المتطور) : الذى تجده إيجابى دائما ، مشغول بنفسه ، والنهوض بكل من حوله ، لايرى سوى الإيجابية في سلوكه ، لأنه يركز إهتمامه نحو التطور والنهوض ، أيضا تجده لايهتم بأي ظروف ، قدر إهتمامه بإرادته ، التى هى السر الأول وراء نجاحه
… هذا الشخص غالبا كلما إزداد نجاحا ، إزدادت دائرة الحقد من حولة ومن ذلك يظهر :
… الشخص ( الحاقد عدو التطور والنجاح ) هو شخص يتقوقع حول نفسه ومصالحه فقط ويركز مع الآخرين دائما ، يحاول طيلة الوقت أن يسحب من الشخص الناجح طاقة نجاحه ، وإذا لم يستطع يبدأ فى التودد له حتى يكسب ثقته ، بعدها يسحبه إلى منطقته
… هذا الشخص كى يبقى ، تجده يقلل من الشخص الناجح لاإراديا ، كنوع من الدفاع عن النفس
… ويظهر ذلك من خلال النظرات ، السلوك ، الكلام ، وصولا للهزار
… ذلك الشخص لاتحاول تقويمه
… فقط إهرب منه بإستمرار وبدبلوماسية لو إستطعت
… الشخصية السلبية هذه هى شخصية الإنسان ( الغير متحمس لأى شىء بالحياة ) ، الذى تم إطفاءه مبكرا ، طاقته سلبية
… تشعر أن كل مهمته هى البقاء حيا فقط
… إنه لايحقد عليك وفقط ، فعلا لا يهمه نجاحك من عدمه ، هو فقط يعيش متقوقعا حول نفسه ومصالحه ، ويعيش فى منطقة من البهتان والسلبية التى قد تنتقل اليك لو اختلط بك
… فاختر لنفسك أي شخصية تحب أن تكون
… ” سعد باشا زغلول ” كان يتمتع بدبلوماسية عالية لهذا كان يستحق لقب زعيم الأمة
… كيف إحتوى سعد زغلول إضراب الحوذية ( العربجية ) 1924 ؟!
… أدى إنتشار سيارات الأجرة فى القاهرة إلى إضراب جميع ” العربجية ” فى القاهرة ، وتوقفت جميع عربات الحانطور
… سارت مظاهرة الحوذية فى الشوارع متجهين إلى بيت الأمة ” بيت سعد ” ، يحملون كرابيجهم ، وكانوا يلوحون بها ويطرقعونها فى أثناء سيرهم فى المظاهرة ، فيحدث صوتها فرقعة كطلقات المدافع
… وأمام بيت الأمة طلبوا أن يخرج لهم سعد باشا
… لم يتقدموا بهذا الطلب كرجاء ، وإنما توجهوا به كأمر يستوجب التنفيذ ، وقال لهم عم آدم ” بواب بيت الأمة ” : إن الباشا يتناول إفطاره
… فصرخوا فى وجهه : إننا جئنا دون أن نذوق لقمة
… كيف يأكل سعد إفطاره ونحن سنموت من الجوع
… ترك سعد مائدة الإفطار دون أن يتم طعامه ، وخرج إلى شرفة السلاملك يستقبل الحوذية الثائرين ، قال العربجية أنهم يطالبون من سعد رئيس الوزراء أن يصدر قانونا يمنع سيارات الأجرة من السير فى شوارع العاصمة ، فالسيارات تهددهم فى أرزاقهم وتهددهم بالبطالة والموت جوعا
… الحانطور صناعة مصرية والسيارة صناعة أجنبية ، والشعير الذى تأكله الخيل يزرعه الفلاح المصرى ، وبنزين السيارات يستورد من عدوتنا إنجلترا
… ثم أن السيارة إذا صدمت مصريا قتلته ، بينما العربة الحانطور لاتقتل أحدا ، وإن واجب وزارة الشعب أن تصدر هذا القانون لتحمى الصناعة المصرية ولتحمى الفلاح المصرى ولتحمى المصريين
… إستمع سعد بإهتمام إلى خطباء الحوذية المتحمسين ، حتى إذا إنتهوا قال بهدوء : إن السيارات دخلت القاهرة قبل تولى وزارتى بعدة سنوات ، فلماذا لم تتقدموا بهذا الطلب من قبل إلى الحكومات الأخرى ؟!
… فصاح الحوذية : لأن الحكومات الأخرى عينها الإنجليز لتعمل لمصلحة الإنجليز ، أما حكومتك فنحن الذين إنتخبناها لتعمل لمصلحتنا
… إبتسم سعد ليحتوى غضبهم ثم قال : اننى عربجى مثلكم ، مهمتى أن أقود العربة التى تقودونها ، إن حكومة الشعب هى العربة الحانطور ، ومصر هى الزبون الوحيد الذى يركب العربة ، وواجبى أن أوصل الزبون إلى الجهة التى يريد الذهاب إليها ، وهى الإستقلال التام لمصر والسودان
… الفرق الوحيد بينى وبينكم أنكم تحملون الكرباج وأنا لاأحمل الكرباج
… ضحك العربجية وإختفى الشرر من عيونهم ، وأحسوا بسعادة أن زعيم الأمة ورئيس وزرائها يؤكد لهم أنه عربجى مثلهم
… وعندما شعر سعد أنه كسب قلوبهم قال لهم : والآن سأتحدث إليكم كعربجى يتحدث مع زملائه العربجية
… إن الزبون يريد أن يصل إلى الجهة التى يريدها بسرعها
… تماما كما تريد مصر أن أحقق لها الإستقلال بسرعة ، وكل إبطاء أو تأخير ليس فى مصلحة الزبون ونحن فى عصر السرعة
… السيارة هى علامة التقدم ، وإنها تحل فى العالم كله محل العربات الحانطور ، ولاأستطيع كزعيم هذه الأمة أن أسمح لها تتخلف وأن تمشى ببطء فى عصر السرعة
… غير معقول أن أرى الطيارة تحل محل السيارة فى بلاد أخرى وألزم بلدى بأن تركب عربة حانطور ، ستكون نتيجة ذلك أن تسبقنا الأمم الأخرى
… أتقبلون أن تتقدم الأمم الأخرى ونتأخر نحن ؟!
… اننى واثق من أن وطنيتكم لن تسمح بذلك ، إننى واثق من أنكم تفضلون أن تسير بلادنا بسرعة السيارة ثم بسرعة الطيارة
… أفهم أن تفكروا فى مستقبلكم فهذا حقكم ، والذى لايعمل من أجل المستقبل لايستحق حاضره ولاماضيه ، أفهم بدلا من أن تطلبوا منع السيارات أن تلزموا الحكومة بأن تنشئ مدرسة لتعليم قيادة السيارات ، وأن تساعدكم على الإلتحاق بها فى وقت فراغكم ، وأن تمكنكم من التدرب على الآلات الحديثة ، وبذلك يتضاعف دخلكم ويتأمن مستقبلكم
… إن واجبكم أن تطالبونى بإدخال الأجهزة الحديثة على بلادنا
… إن الإنجليز يسعدهم أن نتخلف وأن نتأخر وأن تسبقنا دول العالم وأن نركب العربات الحانطور ويركبوا هم الطائرات
… لن تقبلوا أن يقول التاريخ أن حوذية مصر نادوا بأن تتأخر مصر عن بلاد العالم ، خاصة وأنا أعلم وطنيتكم وغيرتكم على بلادكم ، أعلم أنكم إشتركتم فى الثورة ، وأعلم أنكم ضحيتم بقوتكم فى أحلك الأيام من أجل مصر وحريتها ، وأعلم أنكم على إستعداد أن تكرروا هذه التضحية من أجل تقدمها فلاحرية مع التأخر ولاإستقلال مع التخلف
… ماذا كنتم تقولون لو أن أصحاب العربات الكارو طلبوا منع العربات الحانطور ؟! ، وأصبحنا الشعب الوحيد فى العالم الذى لاينتقل إلافوق عربات كارو ؟! ، أنا لاأكلمكم كرئيس وزراء ولاكزعيم أمة ، ولكنى أتكلم كواحد منكم يهمنى مستقبلكم لأن مستقبلكم هو مستقبلى وسوف أفعل ما تريدون
… إذا كنتم تريدون أن تتقدم مصر بسرعة العربة الحانطور فسأخضع لرأيكم ، وإذا أردتم أن نتقدم بسرعة السيارة وبسرعة الطيارة فسوف أفعل ماتأمرون به
… صاح العربجية : بسرعة الطيارة ، قال سعد : إذا إتفقنا
… هتف العربجية : يعيش سعد باشا ،،، رد سعد ” ضاحكا ” : لا بل قولوا : يعيش الأسطى سعد
… هتف العربجية وهم ينصرفون : يعيش الأسطى سعد
... ولهذا استحق لقب زعيم الأمة
… تحياتى ..