أزمة البحث العلمي بين الواقع والمأمول
أزمة البحث العلمي بين الواقع والمأمول
بقلم السفيرة الدكتورة/ ماجدة الدسوقي
تحرير /منة العبد. جريدة /موطني
إن البحث العلمي له دور كبير في تطور المجتمعات البشرية ورقيها ، حيث إن من خلاله يتم إيجاد حلول للمشاكل التي تعاني منها هذه المجتمعات ، كما أنه يساعد في وضع الإستراتيجيات والخطط الملائمة لقيادة هذه المجتمعات إلى الإزدهار والتنمية.
وبالنسبة لأهمية البحث العلمي فإن الدول المتقدمة تعطيه اهتمامًا كبيرًا من حيث تسليط الضوء عليه وتدريب الطلاب الجامعيين والأكاديميين ليكونوا باحثين وليس مجرد طلاب أو معلمين ، بالإضافة إلى تخصيص الدعم المادي الكبير لهذا القطاع .
أما بالنسبة لواقع البحث العلمي في العالم العربي وما تنفقه الدول العربية في مجال البحث العلمي مقارنة وما تنفقه الولايات المتحدة ،لوجدنا أن ما تنفقه الدول العربية لا يساوي 1 إلى 120 من حجم الإنفاق في الولايات المتحدة ،وأن ما تخصصه الجامعات العربية للبحث العلمي لا يتجاوز 1 %، بينما نجد أن ما تنفقه الجامعات الأمريكية للبحث العلمي يصل إلى 40% من مجموع إنفاقها .
إن أزمة البحث العلمي في الوطن العربي موضوع يستحق الكثير من الإهتمام ، لأن مكانة البحث العلمي من التقدم الحضاري للأمم إذ أن لا يوجد تطور مدني أو عسكري دون تطور معرفي ولا سبيل لنهضة معرفية
دون بحث علمي جاد محكم المواصفات والمعايير.
أما في مجتمعاتنا العربية نجد وجود فجوة كبيرة وهوة عميقة في منظومات البحث العلمي لو قارناه بالعالم المتقدم شرقًا أو غربًا ،ولو تعمقنا قليلًا في مجمل الإحصائيات. التي أجريت في مختلف الدول العربية حول البحث العلمي فيها ، لوجدنا حجم الهوة العميقة التي بيننا وبين العالم المتقدم في هذا المجال من جهة، وبُعدالجانب النظري من الأبحاث التي تجري في بلادنا العربية عن الجانب التطبيقي من جهة أخرى، مما أوجد فجوة إضافية ساهمت في تدني المستوى العلمي والبحثي في الوطن العربي .
لم نتمكن من النظر إلى البحث العلمي ،سواء التطبيقي منه أو النظري بإعتباره مجرد إضافة معززة للإنجاز البشري بل هو شرط جوهري من شروطه وهذا الأمر صحيح منذ أمد طويل ، لكنه في الوقت الحالي أكثر صحة ومنطقية في ضوء النمط الجديد من التحديات متعددة المنابع ، التي تواجه الأمم والشعوب .
إن البحث العلمي ليس حاجة ملحة للدول النامية دون المتقدمة أو الفقيرة دون الغنية بل هو مسألة ضرورية لجميع الأمم والشعوب ، لأن التطور لا حدود ولا نهاية له ،وعلى الرغم من ذلك فإن الدول الأقل نموًا تبدو حاجتها للبحث العلمي من أجل القضاء على الفجوة الحضارية التي تفصلها عن الأمم المتقدمة.
هنا نجد أن البحث العلمي له أهمية كبيرفي أنه يقدم حلولًا لمشكلات كثيرة تعاني منها المجتمعات البشرية ، سواء كانت هذه المشكلات معضلات علمية لم يتم فك رموزها ، أو مشاكل وصعوبات إجتماعية واقتصادية ، بل وحتى العلاقات السياسية بين الدول يتم تطويرها أو الوقوف عليها أو تقديم النصائح والتوصيات في شأنها عن طريق البحث العلمي.
أزمة البحث العلمي بين الواقع والمأمول