مقالاتمقالات دينية

أشيروا عليَّ أيها الناس 

جريدة موطني

أشيروا عليَّ أيها الناس 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، أما بعد إنه عندما تأكد أبو سفيان بن حرب من سلامة القافلة التجارية التي كانت معه وإستطاع أن يهرب بها من المسلمين، أرسل إلى زعماء قريش وهو بالجحفة برسالة أخبرهم فيها بنجاته والقافلة، وطلب منهم العودة إلى مكة، إلا أن أبا جهل قام فقال والله لا نرجع حتى نرد بدرا، فنقيم بها ثلاثا فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا، ولكن بنى زهرة عصوه وانشقوا عن الجيش وعادوا إلى مكة.

 

وكانت بنو عدى قبلهم قد تخلفت عن الخروج، أما غالبية قوات قريش وأحلافهم فقد تقدمت حتى وصلت بدرا، ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر نجاة القافلة وإصرار زعماء مكة على قتال المسلمين استشار أصحابه في الأمر، وحينئذ تزعزعت قلوب فريق من الناس، وخافوا اللقاء الدامى، وقد أجمع قادة المهاجرين على تأييد فكرة التقدم لملاقاة العدو، ومنهم أبو بكر وعمر بن الخطاب والمقداد بن الأسود، إلا أن هؤلاء القادة الثلاثة الذين تكلموا كانوا من المهاجرين، وهم أقلية فى الجيش، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأى قادة الأنصار، لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن بيعة العقبة الثانية لم تكن في ظاهرها ملزمة لهم بحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج المدينة، فقال “أشيروا عليَّ أيها الناس”

 

وقد أدرك الصحابى الأنصارى سعد بن معاذ وهو حامل لواء الأنصار، مقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، فنهض قائلا “والله لكأنك تريدنا يا رسول الله” فقال صلى الله عليه وسلم “أجل” فقال لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر على بركة الله” وقام سعد بن عبادة، فقال ” إيانا تريد يا رسول الله، والذى نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

“سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين، والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم، فاغزوا باسم الله فى سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا” فارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران، فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر، ثم إنحط إلى بلد يقال لها الدبة وترك الحنان بيمين وهو كثيب كالجبل العظيم، ثم نزل قريبا من بدر، فركب هو وأبو بكر الصديق حتى وقفا على شيخ من العرب يقال له سفيان الضمرى الكنانى، فسأله عن قريش، وعن محمد وأصحابه، وما بلغه عنهم، فقال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا أخبرتنا أخبرناك” قال “أذاك بذاك؟ قال “نعم” قال الشيخ فإنه بلغنى أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذى أخبرني.

أشيروا عليَّ أيها الناس 
أشيروا عليَّ أيها الناس 

فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذى أخبرني صدقنى فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذى فيه قريش، فلما فرغ من خبره قال “ممن أنتما؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “نحن من ماء” ثم إنصرف عنه والشيخ يقول “ما من ماء، أمن ماء العراق؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى