ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا وحبيبنا ورسولنا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد إن حسن الظن بالله سبحانه وتعالي حقيقته أن يظن العبد بالله خيرا ورحمة وإحسانا في معاملته ومكافئته ومجازاته أحسن الجزاء في الدنيا والآخرة وهذا يتحقق في مقامات عديدة، فالمقام الأول وهو إذا دعا ربه أن يقبل ربه دعائه، كما جاء في الحديث الشريف “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ” رواه الترمذي، والمقام الثاني وهو إذا تقرب إلى الله بعمل صالح أن يتقبل الله عمله ويرفعه، حيث قال تعالى ” إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ”
وأما المقام الثالث وهو أن يقبل توبته إذا أذنب وتاب فأناب، وقد تضافرت النصوص بهذه الحقيقة، حيث قال الله تعالى ” ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ” وأما المقام الرابع وهو أن يوقن بوعد الله ونعيمه الذي أعده الله تعالي لعباده الصالحين المستقيمين على طاعته وشرعه، وقد تواترت النصوص بذلك، حيث قال الله تعالى ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ” وأما المقام الخامس وهو أن يوقن بحسن لقاء الله تعالي وستره وتجاوزه عنه وهو في سياق موته كما قال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ” رواه مسلم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما “إذا رأيتم الرجل قد نزل به الموت فبشروه حتى يلقى ربه وهو حسن الظن بالله تعالى.
وإن كان حيا فخوفوه بربه واذكروا له شدة عقابه” وأما المقام السادس وهو عند نزول البلاء وضيق الحال، وقال بعض السلف ” استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل في كشفها فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج ” وحسن الظن يكون صحيحا مقبولا من المؤمن إذا كان العبد منيبا إلى الله مقبلا على طاعته محسنا في عمله أما إذا كان العبد مسيئا في عمله متجاوزا لحدود الله تعالي في سائر حاله فهذا سيء الظن بالله وإن تظاهر بحسن الظن لأن حسن الظن يحمل على حسن العمل وسوء الظن يحمل على سوء العمل، وقال الإمام الحسن البصري ” إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل” ولهذا جاء في الخبر ” حسن الظن من حسن العبادة ” رواه أحمد.
وقال الإمام الخطابي ” إنما يحسن بالله تعالي الظن من حسن عمله فكأنه قال أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله عز وجل فإن من ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون أيضا حسن الظن بالله من ناحية الرجاء وتأميل العفو والله جواد كريم لا آخذنا الله بسوء أفعالنا ولا وكلنا إلى حسن أعمالنا برحمته” وأما الفاجر الذي يغشى الكبائر واستوحش قلبه بالظلمات ولم يتب فقد أساء الظن بربه سبحانه وهرب من إحسان الله تعالي وعمل بأسباب مقته وعذابه في الآخرة فإن عوتب في حاله فتحجج برحمة الله وإحسانه فهو كاذب في دعواه ولا يسمى عمله حسن ظن بل غرور لأنه طلب الإحسان بالتمني وعمله يكذب قوله وظنه، وكذلك الكافر قد أساء الظن بربه وأفعاله وصفاته فعطل الله عن جماله وجلاله وألحد في أسمائه وصفاته وأشرك معه غيره من المخلوقين.
وادعى له الولد وجعل الملائكة بنات الله وكذب بنعيمه وعذابه في اليوم الآخر وجحد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وادعى أنه لم يبعث أو بعث للعرب خاصة وظن به غير ذلك من مساوئ الظنون، كما قال تعالى ” وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ” وكما قال الله تعالى فيهم ” أئفكا ءالهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين “
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة