مقالات

الإعجاب بالكثرة من أسباب الهزيمة

الإعجاب بالكثرة من أسباب الهزيمة

الإعجاب بالكثرة من أسباب الهزيمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإعجاب بالكثرة من أسباب الهزيمة

أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة وكتب المغازي الكثير عن غزوة حنين.

 

وإن غزوة حنين سُجلت في القرآن الكريم لكي تبقى درسا للأمة في كل زمان ومكان، ولقد عرضت في القرآن الكريم على منهجية ربانية كان من أهم معالمها أنه بين القرآن الكريم أن المسلمين أصابهم الإعجاب بكثرة عددهم، فقال تعالى ” ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ” ثم بين القرآن الكريم أن هذه الكثرة لا تفيد ” فلم تغني عنكم شيئا ” وقد بين القرآن الكريم أن المسلمين انهزموا وهربوا ما عدا النبي صلي الله عليه وسلم ونفر يسير من أصحابه، فقال تعالى ” وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ” وكما بين القرآن الكريم أن الله تعالي نصر رسوله صلي الله عليه وسلم في هذه المعركة وأكرمه بإنزال السكينة عليه وعلى المؤمنين فقال تعالى” ثم أنزل الله سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ” 

 

وقد بين القرآن الكريم أن الله تعالي أمد رسوله محمدا صلي الله عليه وسلم بالملائكة في حنين فقال تعالى ” وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ” وأكد الله سبحانه وتعالي على أنه يقبل التوبة من عباده ويوفق من شاء إليها، فقال تعالى ” ثم يتوب الله من بعد ذلك علي من يشاء من عباده والله غفور رحيم ” وكما كان من المواقف في هذه الغزوة هو الإعجاب بالكثرة فحجب عن المسلمين النصر في بداية المعركة، وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالي” لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ” وقد نبه إلى هذا رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما أوضح أنه لا حول ولا قوة إلا بالله فيقول. 

 

“اللهم بك أحول وبك أصول، وبك أقاتل” وهكذا أخذ الرسول صلي الله عليه وسلم يراقب المسلمين ويقوّم ما يظهر من إنحرافات في التصور والسلوك، حتى في أخطر ظروف المواجهة مع خصومه العتاة، وقد أنزل الله تعالي أمين الوحي جبريل عليه السلام ومعه كتائب من الملائكة من السماء يراهم المؤمنين على هيئة نمل أسود صغير على أجساد الكافرين ويراهم الكافرين فرسان بيض في هذه الأثناء، كان خالد بن الوليد رضي الله عنه قائد جيش المسلمين ملقى على الأرض وجسده كله طعنات فجاء النبي صلي الله عليه وسلم وتفل في يده ومسح على جسد خالد بن الوليد حتى برأ، ثم لحقت الهزيمة بهوازن وفر الجيش من ميدان المعركة تاركا وراءه عشرات الآلاف من الأبقار والأغنام والإبل وجاء أبو سفيان إلي النبي ليأخذ نصيبه من الغنائم فأعطاه النبي مائة أوقية من الذهب. 

 

ومثلها من الفضة وطلب لأبنائه فأعطاه النبي صلي الله عليه وسلم وجاء صفوان بن أميه فأعطاه النبي صلي الله عليه وسلم مائة أوقية من الذهب ومثلها من الفضة ومائة ناقة، ويقول صفوان وقد كان مازال كافرا فما زال محمدا يعطيني حتى أحببته، وكان نصيب النبي من الغنائم إبل ما بين جبلين، فنظر أحد الأعراب إلى نصيب النبي صلي الله عليه وسلم فقال له النبي “أتعجبك؟” قال “نعم” قال “هي لك” فذهب إليها وهو يلتفت ثم أخذ الإبل يسوقها إلى قومه يقول يا قوم أسلموا لقد جئتكم من عند خير الناس إن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبدا، فكان النبي صلي الله عليه وسلم حريص على أن يجزل العطاء من الغنائم، فقال الأنصار لقد وجد محمدا أهله في مكة فبلغ هذا الكلام سعد بن عبادة سيد الأنصار.

 

فذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقال له ما قاله الأنصار فقال له النبي صلي الله عليه وسلم “وما قولك يا سعد ؟ فقال يا رسول الله ” إنما أنا امروء من قومي” فقال صلي الله عليه وسلم “إذن أجمع الناس” فجمع النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار وقال لهم “لقد بلغتني عنكم مقالة أنكم وجدتم عليّ أني قد وجدت أهلي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى