الأربعاء, أغسطس 6, 2025
الرئيسيةمقالاتالاختلاف الفكري
مقالات

الاختلاف الفكري

الاختلاف الفكري /

الاختلاف الفكري /

السعيد عبد – العاطي مبارك الفايد – مصر ٠

” إن الحق لم يصبه الناس في كل وجوهه و لا اخطئوه في كل وجوهه ، بل أصاب كل إنسان جهة ٠٠ ” – أفلاطون ٠

في البداية عندما نتأمل مراحل الثقافة الإنسانية من منظور العقل ، نتوقف مع ظاهرة الاختلاف الفكري بين الناس و مدى تفاوته ، فهذه حقائق ثابتة لا تقبل الشك و الجدل نوعا ما هكذا ٠٠

فمنذ النشاة نجد الإنسان السوي العاقل ينظر إلى الكون و ماحوله من أشياء مادية و معنوية في الكون نظرة فلسفية تدعو إلى التأمل و السعي إلى إدراك ماهية الخَلق من خلال الصور و الأخيلة أضف إلى درجة العلم و المعرفة و التثقف و الرجوع إلى ما قبله من تجارب و تاريخ و تراث ، قد أثرت شكلا و مضمونا في تشكيل مسيرته مع الحياة ٠

و كل هذا بين النظر و القبول و الرفض و الإعجاب و التمرد نحو قيم جمالية تجسد عمق رؤيه بالتأكيد هكذا ٠

و من هنا تولد الصراع و الاختلاف لفهم و إدراك بعض الحقائق في إطار السعي إلى طريق المدنية و الحضارة لإسعاد البشرية و تجنب ويلات الحرب و الشر معا ٠

و من ثم قد نشأ هذا الخلاف الفكري بين الناس حسب درجات المعرفة و الرضا و الإقناع و اتسعت هوة التفسير لتلك الظاهرة الهامة في حياتنا و أسباب هذا الاختلاف الضروي فمن الطبيعي أن يكون فطري و من سنة الوجود أيضا ٠

و لذا تصدى الفلاسفة قديما للوصول لأهم تلك الأسباب لهذا الاختلاف الفكري الطارىء بكل أنواعه و أشكاله و صوره و ملامح تحولاته مع البيئة و عناصر الزمان و المكان و محور المعطيات و خصائص المقومات البشرية و الفنية لكشف تلك بداية المحاولات ، و أهمها في الإحصاء داخل خطوط و عناوين عريضة تحتاج إلى تحليل ودراسة تطبيقية منفصلة ٠٠

و كنا ندرس كل ذلك في أصول التربية في الجامعة كما يرجع ذلك إلى بعص الأسباب التي تم مناقشتها ٠٠

– غموض الموضوع في ذاته ، و سبيل الإدراك ليس مهيئا ٠

و لذا قال أفلاطون قديما :

” إن الحق لم يصبه الناس في كل وجوهه و لا اخطئوه في كل وجوهه ، بل أصاب كل إنسان جهة ٠

و مثال ذلك عميان انطلقوا إلى ( فيل ) ، و أخذ كل منهم جارحة منه فجسمها بيده ؛ و مثلها في نفسه ، فأخبر الذي مس الرجل ان خلقة الفيل طويلة مستديرة سبيهة بأصل الشجرة ، و أخبر الذي مس الظهر ان خلقته تشبه الهضبة العالية ، و الرابية المرتفعة ، و أخبر الذي مس أذنه انه منبسط دقيق بطويه و بنشره ، فكل واحد منهم قد أدى بعض ما أدرك ، و كل يكذب صاحبه ، و يدعي عليه الخطأ و الجهل فيما يصفه من خَلق الفيل ٠

فانظر إلى الصدق كيف جمعهم ، و انظر إلى الكذب و الخطأ كيف دخل عليهم حتى فرقهم ” ٠ 

– ثم نجد اختلاف الرغبات و الشهوات و الأمزجة :

فمن أسباب الاختلاف الرغبات و الشهوات فهي عند الناس متباينة متفاوتة ، و كل يدرك في محيط نزعاته النفسية ٠٠

و من ثم يأتي التصادم بين الأمزجة البشرية ، و ان الرغبة هي التي تربي فينا الأشياء مليحة ، بهذا تستولى على مقاييس الحُسن و القبح في الأشياء و الأفكار ٠

و نشاهد كل هذا في ميدان الدين و الأدب و الفن و الحكمة للوصول إلى جوهر الموجودات ٠٠

– اختلاف الاتجاه يجعل لكل متجه إلى نوع تفكيرا يناسبه في هذا الاتجاه ٠٠

ففي رسائل أخوان الصفا:

القياسات مختلفة الأنواع كثيرة الفنون ، كل ذلك بحسب أصول الصنائع و قياس المنجمين لا يشبه قياس النحويين و لا المتكلمين و لا قياسات المتفلسفين تشبه قياسات الجدليين ٠٠٠

و الأقيسة الفكرية تختلف باختلاف الاتجاه العلمي لأهل كل علم ، فإذا كان موضوع الدراسة واحدا ، فلابد أن يختلف أهل كل قياس كما بينا في موضوع وصف الفيل سابقا ٠

و هذا يجعل كل له تفكير و منهج في طريقة علمه ٠٠

كما في الاختلاف بين علماء الكلام و الفقهاء في موضوع خلق القرآن ، و الاختلاف بينهم سببه الاختلاف في المنهاج :

– فالفقهاء أقيستهم تعتمد على الكتاب و السنة فقط ٠٠

– و علماء الكلام ينطلقون وراء الأقيسة العقلية المجردة ٠

– تقليد السابقين و محاكاتهم ، من غير أن ينظر المقلدون نظرة عقلية مجردة ، و أن نظرة التقليد متغلغلة في نفوس الناس توجهم توجيه آليا دون إعمال العقل و تعطيل ملكة التفكير و التدبر ، و من ثم تدفع المقلدين بعقولهم إلى وضع براهين لبيان حسنها و قبح غيرها و هذا من التقليد و التعصب الشديد و نجم عنه الاختلاف الشديد ٠

– اختلاف المدارك و تفاوت الناس فيها فمنهم من يصل إلى الحقيقة و منهم من يقف أمام جزء ، و منهم من سيطر عليه الوهم ، و من ثم يذهب به الخيال إلى متاهات فكرية مختلفة و هذا ليس مقصورا على العامة بل العلماء ٠٠

و نجمل أسباب الاختلاف الفكري بعد هذا العرض الموجز لخط سيره ٠٠

– حب الرياسة و خصوصا في المنهج السياسي مع الرغبة في التملق إلى الحاكم و التشبث بالآراء و العصبية في اندفاع و هذا خطر جسيم دون مبرر و نقد و إصلاح المنظومة في مكاشفة للواقع بكل الإيجابيات و السلبيات في توازن ٠

و تتعدد الرؤى للموضوعات المطروحة للدراسة بغية الوصول إلى ثمرة اختلاف النتائج من موضوع إلى موضوع بيئة إلى بيئة ٠٠

و تمخض ذلك في اختلاف حول الدين و العقائد و العصبية العربية و التنازع على الخلافة و صراعات بين الأمم القديمة و معتقداتها و الانزلاق في هوة المسائل الغامضة دون ملكات البحث و محاولة إثبات و نفي لبعض الأمور المتناولة و المتداولة و المتشابه و تداخل الاستنباط في العقلي و العملي و غياب روح ملائمة الارتباط في استعراض النقاط التي عملت على هذا الاشتباك بين الفرق و المذاهب و المناهج عقائدية و فقهية و سياسية و فكرية و أدبية و فنية و غير ذلك ٠

و الخلاصة هنا :

أخيرا أرى الاختلاف مشروع وجيد ربما يؤدي إلى نتائج تفتح العقول و توجه الانظار أرى ( المتن ) معلوم و ( الفهم ) متعدد الرؤى دائما ٠

الاختلاف الفكري /

الاختلاف الفكري /

السعيد عبد – العاطي مبارك الفايد – مصر ٠

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »