
التقوى في الإسلام
بقلم :الدكتورة ايمان سعد
التقوى في الإسلام هي منزلة عظيمة ومفهوم أساسي وشامل يعكس علاقة المسلم بربه، وبنفسه، وبالعالم من حوله. وهي ليست مجرد شعور ديني، بل هي حالة قلبية وسلوكية دائمة تدفع المسلم إلى فعل الخير واجتناب الشر ابتغاء مرضاة الله.
معنى التقوى لغويًا واصطلاحيًا
* لغويًا: تأتي كلمة “تقوى” من الجذر “وقى” الذي يدل على الحوف والحماية والصيانة.
* اصطلاحيًا: هي أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه. وقد عرفها العلماء بتعريفات متعددة، منها:
* ابن عباس رضي الله عنهما: “التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.”
* علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.”
مظاهر التقوى وثمراتها
التقوى ليست محصورة في أداء العبادات فقط، بل تتجلى في جميع جوانب حياة المسلم. من أبرز مظاهرها وثمراتها:
* مراقبة الله في السر والعلن: يستشعر المتقي أن الله مطلع عليه في كل زمان ومكان، وهذا يدفعه إلى الإحسان في العمل والقول.
* الاستقامة على أمر الله: الالتزام بأداء الفرائض واجتناب المحرمات، والحرص على النوافل والطاعات.
* حسن الخلق والمعاملة: التقوى تدفع صاحبها إلى التحلي بمكارم الأخلاق، مثل الصدق والأمانة والتواضع والإحسان إلى الناس.
* الورع والابتعاد عن الشبهات: يحرص المتقي على تجنب كل ما فيه شبهة من الحلال والحرام، خوفًا من الوقوع في المعصية.
* طلب العلم النافع: العلم الشرعي يقود إلى معرفة الله وخشيته، وبالتالي يزيد من تقوى العبد.
* التوكل على الله والثقة به: المتقي يعلم أن رزقه بيد الله، وأن تدبير الأمور كله إليه سبحانه، فيتوكل عليه في جميع شؤونه.
* الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء: التقوى تمنح المسلم القوة لمواجهة الشدائد بالصبر والاحتساب، وشكر الله على نعمه في السراء.
* البركة في الرزق وتيسير الأمور: قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3].
* محبة الله تعالى ورضوانه: المتقون هم أحباء الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 7].
* الفوز بالجنة والنجاة من النار: التقوى هي مفتاح دخول الجنة، قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133].
أهمية التقوى في حياة المسلم والمجتمع
التقوى هي أساس صلاح الفرد والمجتمع. فالفرد المتقي يكون نافعًا لنفسه ولغيره، والمجتمع الذي يسوده أفراد متقون يكون مجتمعًا فاضلاً يسوده العدل والخير والأمان.
باختصار، التقوى هي الزاد الحقيقي للمسلم في الدنيا والآخرة، وهي الطريق لتحقيق السعادة والرضا والطمأنينة في الحياة الدنيا، والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة.