التكافل الاجتماعي في الشريعة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله، فإنه إذا لم يكن أهل العلم أولياء الله فليس لله ولي” لأن أهل العلم هم الذين عرفوا الله حق المعرفه فاتقوه وخافوه، وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري رحمه الله أنه تلا هذه الآية الكريمة ” ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله ” فقال “هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال إنني من المسلمين، هذا خليفة الله” وقال شيخ الإسلام ” فمن كان مخلصا في أعمال الدين يعملها لله كان من أولياء الله المتقين أهل النعيم المقيم” والقائمون بحفظ العلم الموروث عن رسول الله الرّبان الحافظون له من الزيادة والنقصان.
هم من أعظم أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين، بل لهم مزية على غيرهم من أهل الإيمان والأعمال الصالحات، كما قال تعالى ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” وقال رحمه الله “وأولياء الله هم الذين يتبعون رضاه بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور” وقال رحمه الله ” فالصراط المستقيم هو ما بعث الله به رسوله محمدا صلي الله عليه وسلم بفعل ما أمر وترك ما حظر وتصديقه فيما أخبر، ولا طريق إلى الله إلا ذلك، وهذا سبيل أولياء الله المتقين وحزب الله المفلحين وجند الله الغالبين، وكل ما خالف ذلك فهو من طرق أهل الغي والضلال، وقد نزه الله تعالى نبيه عن هذا وهذا، فقال تعالى ” والنجم إذا هوي ما ضل صاحبكم وما غوي وما ينظق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي”
وقد أمرنا الله سبحانه أن نقول في صلاتنا ” اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ” وقال رحمه الله “كل من آمن بالله ورسوله واتقى الله فهو من أولياء الله” وقد أمرنا الله عز وجل بتكافل والتراحم فيما بيننا، وإن التكافل الاجتماعي في الإسلام لا يرضى أن يذل رجلا من غير المسلمين، وهو يحيا في رحاب الإسلام، فيعيش على صدقات الناس، ولكن الإسلام يحميه ويكرمه، ويوجب على الدولة أن تتولى رعاية أسرته، فإن مواساة غير المسلمين وصية رب العالمين، فقال الله تعالى فى سورة الممتحنة ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” وقال الإمام ابن جرير الطبري فى قوله تعالى.
” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين” أى من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم، وإن الله عز وجل عم بقوله ” الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم” أى جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضا دون بعض، وقوله تعالى ” إن الله يحب المقسطين” يقول إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برّهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم، وأيضا هناك مواساة الأنصار للمهاجرين، فعن أنس بن مالك، قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، أتاه المهاجرون فقالوا يا رسول الله، ما رأينا قوما أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل أي من مال قليل من قوم أي الأنصار، نزلنا بين أظهرهم، أي عندهم، لقد كفونا المؤنة.
وأشركونا في المهنأ، أي أحسنوا إلينا، سواء كانوا كثيري المال أو فقيري الحال، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا، ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم” رواه الترمذي، وقال الطيبي رحمه الله فى قوله صلى الله عليه وسلم “لا، ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم” معناه لا أي ليس الأمر كما زعمتم فإنكم إذا أثنيتم عليهم شكرا لصنيعهم ودمتم عليه، فقد جازيتموهم.التكافل الاجتماعي في الشريعة