الدكروري يكتب عن الحجاج الثقفي يقتل ابن جبير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام سعيد بن جبير، وهو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي، وقيل أنه رأى سعيد ما يحدث في بلاد المسلمين بعينه، وخاصة بعد أن حاصر الحجاج بن يوسف الثقفي مكة وقصفها وانتهك حرمة البيت الحرام، وبعد أن قدم سعيد الطاعة للحجاج بالقوة، وسافر إلى الكوفة وبدأ بنشر الحديث وتعليم الناس الفقه، فتفاجأ بتعيين الحجاج واليا على الكوفة فسافر إلى أصفهان في إيران ثم عاد إلى مكة، ليقضي معظم حياته متنقلا بين الأمصار هربا من الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان قد طلبه عندما تولى الكوفة فرفض سعيد مقابلته وغادر البلاد، وبعد أن قبض والي مكة على سعيد الذي كان يعيش في مكة، قام بإرساله إلى الحجاج بن يوسف الثقفي مكبلا بالقيود.
فسار من الحجاز إلى العراق مكبلا، حتى إذا وقف بين يدي الحجاج، دار بينهما حوار طويل يسأل به الحجاج عن سبب خروج سعيد عن طاعة الحجاج وانقلابه على أمير المؤمنين، وبعد حوار طويل دافع فيه سعيد عن نفسه وعن كلمة الحق بإيمان مطلق، قال له الحجاج أي قتلة تريد أن أقتلك؟ فقال سعيد اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة، فرد الحجاج أتريد أن أعفو عنك؟ فقال سعيد إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر، فقال الحجاج اذهبوا به فاقتلوه، وبينما هم الجند بقتله ضحك سعيد فتعجب من حوله وأخبروا الحجاج فدعاهم لرده وسأله “ما أضحكك؟ فقال سعيد عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك، فأمر الحجاج بقتله، فتلا سعيد قول الله تعالى.
“إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين” فقال الحجاج وجهوه لغير القبلة، فقرأ سعيد قول الله تعالى ” فأينما تولوا فثم وجه الله” فقال الحجاج كبوه على وجهه، فتلا سعيد “منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى” فأمر الحجاج بذبحه، فنطق سعيد بالشهادتين ثم دعا قائلا اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي، ومات سعيد بن جبير في الحادى عشر من شهر رمضان من عام خمسة وتسعين من الهجرة، واستجاب الله عز وجل دعاءه فقد مات الحجاج بعده بفترة قصيرة ولم يقتل بعده أحدا، وقد تم قتل سعيد بن جبير رحمه الله على يد الحجاج سنة خمس وتسعين.
وكان حينها ابن تسع وأربعين سنة، وقيل أن الحجاج كان إذا نام يراه في منامه يأخذ بمجامع ثوبه، فيقول يا عدو الله فيم قتلتني؟ فيقول ما لي ولسعيد بن جبير، ما لي ولسعيد بن جبير.