الدكروري يكتب صفات العقلاء والنبلاء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أعطى فأجزل العطاء، واتخذ من عباده المؤمنين شهداء، فأكرمهم واصطفاهم خير اصطفاء، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وإمام الحنفاء محمد بن عبدالله وآله وأصحابه النجباء، فإن الناظر إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بعين البصيرة والاعتبار يعلم علم اليقين، أن خلق التواضع كان خلقا ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه من الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها و يحرص عليها إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كي ينال خيريّ الدنيا والآخرة، وحسن الخلق، ولين الجانب، وطيب العشرة، صفات أجمع العقلاء على حسنها، وفضل التخلق بها، وقد توافرت الأدلة الشرعية على مدح الأخلاق الحسنة، والحض عليها من ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال.
“إن من أحبكم إلىّ أحسنكم أخلاقا” رواه البخاري، وقد كان رسول الله صلى عليه وسلم أحسن الناس سمتا وأكملهم خُلقا وأطيبهم عشرة، وقد وصفه سبحانه بذلك فقال تعالي “وإنك لعلى خلق عظيم” فما من خصلة من خصال الخير إلا ولرسول صلى الله عليه وسلم أوفر الحظ والنصيب من التخلق بها وقد وصف الصحابة حسن خلقه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة ” رواه الترمذي، والعريكة هي الطبيعة، ووصفه الله تعالى بلين الجانب لأصحابه فقال تعالي ” فبما رحمة من الله لنت لهم ” ففي معاشرته صلى الله عليه وسلم لأصحابه من حسن الخلق ما لا يخفي.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويقبل الهدية ممن جادت بها نفسه و يكافئ عليها، ولقد اقتدى الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عليهم أجمعين برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ففتحوا الأمصار، ونشروا الإسلام لكن كيف نشروه؟ وكيف بلغوا به مشارق الأرض ومغاربها؟ فقد نشروه بأن ولجوا قلوب الناس أولا بأخلاقهم وأمانتهم وصدقهم، وبأن بيّنوا بأن هذا الدين نابع من مشكاة واحدة للرسالات السابقة، ولنا في إسلام النجاشي ملك الحبشة خير دليل، عندما سمع قول الحق تبارك وتعالى على أفواه الصحابة، فأذعنت نفسه، وذرفت عيناه، وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله وتعلقت به نفسه تصدق به، يتأول قول الله تعالى ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”
فإن البذل والإنفاق في سبيل الله برهان على صدق إيمان صاحبه، ولهذا جاء في صحيح مسلم عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الصدقة برهان” رواه مسلم، فالصدقة هي برهان على إيمان العبد لأن المال محبوب إلى النفوس، والنفوس شحيحة به، فإذا بذله الإنسان لله ولا يبذل ما يحب إلا لما هو أحب إليه منه كانت له برهانا على صدقه مع ربه، وعلى قوة إيمانه، وإنه لينبغي المبادرة بالبذل والإنفاق وعدم التأخير والتسويف فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج إليهم وقال “قد ذكرت شيء من تبر، أى قطع من ذهب أو فضة، عندنا من الصدقة فكرهت أن يحبسني حابس فأمرت بقسمته” رواه البخاري.