الدكروري يكتب عن الدور الحقيقي للإيمان الراسخ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الدور الحقيقي للإيمان الراسخ بالله عز وجل هو التوكل على الله تعالي القادر على كل شيء، والمتصرف بالأقدار لحكمه، فيصيب من يشاء ويصرف السوء عمن يشاء سبحانه، ومن هنا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” يا غلام، إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفت الصحف ” ومن الأمثلة المشرقة في حياة سلف الأمة، هو ما قام به الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المحافظة الشديدة على المصالح العامة، فمن مواقفه المعروفة.
إن ابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما اشترى إبلا وأرسلها إلى الحمى حتى سمنت، فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا فقال لمن هذه الإبل؟ قيل لعبد الله بن عمر، قال فجعل يقول يا عبد الله بن عمر بخ، بخ، ابن أمير المؤمنين، ما هذه الإبل؟ قال قلت إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى، أبتغي ما يبتغي المسلمون، قال، فقال فيقولون ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله بن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين، فكان هذا موقف في غاية الورع، والزهد، والمحافظة على المصالح العامة، وعدم تقديم المصالح الخاصة عليها، وفي الحقيقة أن السيرة النبوية الشريفة، وسيرة الخلفاء الراشدين، وسلف الأمة الصالح زاخرة بهذه المواقف المضيئة.
والمشرقة في سماء المجتمع المسلم، ولا شك أن هذا سر عظيم، ومفتاح أساس في المحافظة على المجتمع، وتطوره، والرقي به، فحينئذ نحن بحاجة ماسة جدا للعودة الصادقة إلى سيرة سلف الأمة، وتلمس أسرار نجاحها، وتفوقها حتى نستطيع أن نعيد للأمة مجدها وعزها، ويقول الله تعالي في سورة الأنفال ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” فهذه الآية تدل دلالة واضحة بينة، على أن الأمانة باعتبار متعلقها تنقسم إلى ثلاثة أقسام، أمانة تتعلق بحق الله تبارك وتعالى على عباده، فالله عز وجل ائتمنك على حقوقه في هذه الحياة، فخلقك لطاعته وأوجدك لعبادته وأمرك ونهاك، لم يخلقك سُدى، ولم يتركك هملا وإنما خلقك لغاية حميدة، وأوجدك لهدف رشيد.
وهو أيها الناس، وأنت مؤتمن على هذا الأمر، بل إن الأمانة في أعظم صورها القيام بها فيما يتعلق بحق الله على عباده، ولهذا فإن التوحيد أمانة والشرك خيانة، أعظم الأمانة التوحيد، وأعظم الخيانة الشرك والتنديد، إن من يقوم بحق الله عز وجل، بإخلاص الدين له، وامتثال أوامره، والبعد عن نواهيه، والحذرِ من الإشراك معه تبارك وتعالى، فإن من يكون كذلك قد قام بالأمانة في حق الرب العظيم سبحانه وتعالى، وإن معرفتك بالله وبأسمائه الحسنى وصفاته العظيمة ومعرفتك بجلاله وجماله وعظمته وكماله، ومعرفتك بقدرته عز وجل وتمام حكمته وشمول علمه، كل ذلك مما يحقق لك القيام بالأمانة على أبهى صورها.
الدكروري يكتب عن الدور الحقيقي للإيمان الراسخ