الدكروري يكتب عن سوق المصلى وبقيع الخيل
الدكروري يكتب عن سوق المصلى وبقيع الخيل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن العبد المؤمن يبشر عند موته برضوان الله عز وجل، ورحمته، وجنته واستحقاق كرامته تفضلا منه سبحانه وتعالى وهذه البشارة تكون للمؤمنين عند احتضارهم، وذلك لن يكون إلا لمن وفقه الله تعالى للعمل الصالح، أما من عمل غير ذلك فإنه يبشر بعذاب الله وسخطه، ومما يدل على هذا أيضا ما جاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه” فقلت يا نبي الله أكراهية الموت، فكلنا نكره الموت؟ فقال ” ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه”
وقال الإمام النووي رحمه الله “معنى الحديث أن المحبة والكراهية التي تعتبر شرعا هي التي تقع عند النزع في الحالة التي لا تقبل فيها التوبة، حيث ينكشف الحال للمحتضر، ويظهر له ما هو صائر إليه” وأما عن سوق المناخة الذي أقامة النبي صلي الله عليه وسلم في المدينة المنورة، فقد انطلق هذا السوق مع دور السكن في العصر الأموي في عهد هشام بن عبدالملك، وظهرت الشوارع التجارية لتسهيل حركة الأفراد وحركة البضائع، كما نظمت فيه الدكاكين ليكون سوقا ثابتا وقد سميت سوق المناخة بأسماء متعددة منها سوق المدينة، وبقيع الخيل، وسوق المصلى، وسوق البقيع، وسوق البطحاء، وسوق الزوراء وكانت هناك أسواق متعددة بالمدينة المنورة وهى يثرب، قبل سوق المدينة أو متزامنة معه.
أو بعده، منها سوق بني قينقاع، وسوق بالصفاصف، وسوق زبالة، وسوق مزاحم، وسوق النبيط أو النبط، ثم أصبحت هناك أسواق بمسميات مختلفة حسب نوع ما يباع مثل سوق الخيل، وسوق الإبل، وسوق التمر وهكذا وإنه مكان سوق المدينة ليس أي مكان إنما هو مكان اختاره النبى صلى الله عليه وسلم وخطه سوقا للمسلمين، وقد بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم جهودا كبيرة في سبيل إرساء دعائم دولة المدينة ، إذ أن أهتمامه بالدعوة ونشر الاسلام لم يصرفه عن ترسيخ أركان الحياة الأقتصادية والأجتماعية في المدينة المنورة ، ومن تلك الأركان هو أنشاء سوق المدينة، فقد كانت التجارة المدنية قبل الهجرة.
على الأغلب حكرا على اليهود وبالأخص يهود بني قينقاع، إذ كان لهم سوق يعرف بأسمهم، سوق بني قينقاع، إذ كان لهم سوق يعرف بأسمهم، سوق بني قينقاع، يبيعون فيه تجارتهم ويمارسون الربا مستغلين حاجة الناس الى أقصى حد، وفي المقابل أنشغل العرب في المدينة بأصلاح زروعهم ومعالجتها، فتركوا الساحة التجارية خالية من أي منافسة، وقد ترتب على هجرة المسلمين من مكة الى المدينة أثارا أقتصادية كبيرة الى جانب غيرها من الأثار الدينية والأجتماعية، إذ أن العديد من المهاجرون كانوا قد أحترفوا التجارة، حيث أمتزجت الأفكار التجارية فيهم أمتزاج الروح بالجسد، وأمست شهرتهم فيها حديث الناس أين ما حلوا ورحلوا، ولذا ولد هذا الأمر شعورا سلبيا عند تجار بنو قينقاع مفاده.
أن هؤلاء التجار سينافسونهم في التجارة، ويكسرون الطوق التجاري الذي فرضوه على السوق، لذا فقد وجد المهاجرون نوعا من المضايقة في تعاملهم مع اليهود، وقد حفز هذا الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنشاء سوقا مستقلة عن سوق اليهود لعدة أسباب منها أعطاء الفرصة لتطبيق مبادى الاسلام في التجارة ومنع الإضرار بالأخر أولا، وتوفير فرصة عمل للتجار المكيين الذين فقدوا تجارتهم بسبب الهجرة ثانيا، وتلبية متطلبات أهل المدينة الذين زاد عددهم زيادة ملحوضة بعد الهجرة ثالثا.