المقالات

الدكروري يكتب عن صدقيا مع نبوخذ نصر

الدكروري يكتب عن صدقيا مع نبوخذ نصر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الشخصيات البارزة عبر التاريخ الإنساني، ومنهم الملك صدقيا بن يوشيا وقيل أن الملك صدقيا بن يوشيا، اسم أمه حميطل بنت إرميا، وكان اسمه فى الأصل متنيا، وغير الملك نبوخذ نصر اسمه، وجعله ملكا مكان ابن أخيه، وأطلق عليه أو بالحرى، دعاه ليطلق على نفسه اسما آخر، ويبدو أن متنيا وقد قطع عهدا مع الملك نبوخذ نصر بالخضوع والوفاء له، وحلف وبذلك اختار اسم صدقيا الذى يعنى بر الله، مما يحمل معه التصور، أنه قصد أن يشهد الله الصادق على الوفاء للملك الذى عامله معاملة طيبة وحسنة، على أن الضربة القاتلة لهذا الملك، كانت ترجع إلى تردده وعدم ثباته، وضعفه فى مواجهة العواصف والزوابع التى كانت تحيط به، ويصح أن نطلق عليه الملك المهزوز.

الذى يتجه كيفما تدفعه الرياح، فهو أدنى فى حياته إلى القصبة التى تهزها الريح لتميل فى الاتجاه الذي تدفعه إليها، وكانت المأساة الكبرى فى حياته أن نبوخذ نصر عندما إجتاح أرض يهوذا أيام يهوياكين، لم يحمل معه خيرات الأمة فحسب، بل أخذ أفضل الناس وأشرفهم فيها، وتركها بدون مال أو رجال يعتمد عليهم، وأحاط بصدقيا مجموعة من الحمقى الذين لا يعرفون كيف يزنون الأمور، ويتصرفون بدون خبرة أو فهم، وكانوا يحركون الملك كما يشاءون وقد كانت هناك فرصة عظيمة أمام الرجل إذ كان إلى جواره فى المدينة رجل الله النبى إرميا، وكان صدقيا يؤمن بنبوة إرميا وقد دعاه مرات كثيرة ليتحدث إليه ويسمع منه كلمة الرب لكنه مع ذلك، لم ينتفع كثيرا بالكلمة رغم وضوحها، لأنه كان يخاف الرؤساء المحيطين به.

ولا يجسر على مخالفتهم، وهو يسجن إرميا تحت ضغطهم مع يقينه بصدق الرجل، وأمانته، وفى الوقت عينه إذ يدفعون به إلى الجب، ويتعرض النبى للموت فيه، يرسل عبد ملك ومعه ثلاثون رجلا لإنقاذه، وإطعامه، فى دار السجن، لم يكن صدقيا يشك فى وطنية إرميا وفى صدق نبوته، وكان يتمنى فى قرارة نفسه أن يستمع إلى نصيحته، رغم شدتها وقسوتها، ولكنه كان من النوع الذي واجه المشكلة بتأجيلها أو تجاهلها حتى يستفحل أمرها ويستحيل علاجها، ولعل أدق وصف يمكن وصفه به، هو قول النبى يعقوب عليه السلام” رجل ذو رأيين هو متقلقل فى جميع طرقه ” فإذا كان التقلقل فى حد ذاته أمرا معيبا بالنسبة لأى رجل لا يثبت على حال، فإنه أشد ضررا وخطورة فى أوقات الأزمات والصعاب.

إذ توجد لحظات فى الحياة يتحول معها التردد إلى الكارثة التى لا يجدى معها أدنى أمل أو رجاء، وقد كانت الأيام التى عاشها الملك صدقيا أيام الغروب بالنسبة لبلاده وأمته، وقد توزعت الأفكار عن أفضل الطرق، وهل تكون بالتعاون مع بابل، أم بالتمرد عليها والتحالف مع مصر وغيرها من الأمم التى تريد الوقوف فى وجه نبوخذ نصر، وفى أعماق الظلام.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار