الدكروري يكتب عن طالب العلم والقتل صبرا
الدكروري يكتب عن طالب العلم والقتل صبرا
بقلم/ محمـــد الدكــــروري
إن طالب العلم إذا خرج لطلب علمه ثم أدركة الموت فهو من الشهداء بإذن الله، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع” رواه الترمذي، وأما عن المقتول صبرا، فإن قتل الصبر، أن يقتل الشخص محبوسا مقيدا، وهو منهي عنه في الحيوان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته” رواه الترمذي، فإذا كان الإنسان مأمورا بإراحة الحيوان المذبوح، وذلك بإلا يقيد، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يصبر الدجاجة ليرميها، فلا شك أن تقييد الإنسان حال قتله، يكون أشد تحريما وأعظم إثما.
ويكون المقتول صبرا، تكفر ذنوبه كلها كالشهيد، فعن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن تعلى قال “غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا قال أبو دأود قال لنا غير سعيد عن ابن وهب في هذا الحديث قال بالنبل صبرا فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب ” رواه أبو داود، وقد حدث أن أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من عشرة أفراد في مهمة، وكان بينهم خبيب الأنصاري، فوقع أسيرا في أيدي كفار مكة، فأوثقوه بالحديد، وأصروا على قتله، فطلب منهم أن يتركوه يصلي ركعتين قبل أن يقتلوه ففعلوا،
فكان خبيب هو من سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا” رواه البخاري، وأما عن قائل كلمة الحق للحاكم، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أي الجهاد أفضل قال صلى الله عليه وسلم “كلمة حق عند إمام جائر” رواه أحمد، وإن الشخص الذي يقوم إلى إمام جائر، فيأمره بالعدل وإتباع الحق، وينهاه عن الظلم والانحراف وهو يعلم جوره وبطشه، فيغضب عليه الإمام ويقتله، يكون من سادات الشهداء، لأنه ضحى بنفسه وحياته، في سبيل كلمة حق يقولها، ونصيحة يبذلها، وهكذا فإن الشهداء هم سادة الحياة، وملوك الآخرة، وينبغي لأمتنا أن تعرف من قتلوا، ومن استشهدوا، وأن يكون عرفانها لهم لا تقديرا لأشخاصهم مع أن التقدير واجب وفرض ولكن ليعلم الباقون أن طريق الحياة والمجد هو في هذا المسلك.
فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه للقائد خالد بن الوليد رضي الله عنه، وهو يبعثه مقاتلا احرص على الموت توهب لك الحياة، وإن هناك شيء لابد أن يذكر هنا، وهو أن الآجال ليس لها سبب مادي واضح يقربها أو يبعدها، افرض أن الشيطان قال لك لو لم يخرج فلان إلى المعركة ما قتل، ما الذي يضمن لك أنه لو كان ماشيا في الشوارع لم تدسه سيارة، أو لم يصب بشيء ما يقضى عليه؟ وهذا معنى قول الحق سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” قل لو كنتم فى بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ” فإن إيمان الإنسان بأن الشهادة قدر، وأنها منزلة، وأن الأجل لا يحين بالتعرض للقتل، ولا يبعد بالفرار من الهلاك.
والشهداء هذه الفئة من الناس هى التي باعت النفس رخيصة في سبيل الله تعالي من أجل رضاه، وإن الشهيد في اللغة هو الحاضر، والشاهد، هو العالم الذي يبين ما علمه، ومنه قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” وإن الشهيد في الاصطلاح الشرعي، هو من مات من المسلمين في سبيل الله دون غرض من الدنيا.