المقالات

الدكروري يكتب عن القاسم المشترك في الإفساد

الدكروري يكتب عن القاسم المشترك في الإفساد

الدكروري يكتب عن القاسم المشترك في الإفساد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن القاسم المشترك في الإفساد

إن الدنيا هى القاسم المشترك في الإفساد، فإنه لما رأى الرماة رضي الله عنهم هزيمة المشركين، كما حدث في غزوة أحد ورأوا الغنائم في أرض المعركة، جذبهم ذلك إلى ترك مواقعهم، ظنا منهم أن المعركة انتهت، فقالوا لأميرهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه، الغنيمة، أي قوم الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، ثم انطلقوا يجمعـون الغنائم ولم يعبؤوا بقول أميرهم، ووصف ابن عباس رضي الله عنهما حال الرماة، في ذلك الموقف، فقال ” فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأباحوا عسكر المشركين، أكبّت الرماة جميعا في المعسكر ينهبون، ولقد التقت صفوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم هكذا، وشبك بين يديه وانتشبوا.

 

فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب بعضهم بعضا، والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير، وهكذا التربية اليوم عندما يتخلى روادها عنها، وتصبح الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم، ويتنافسون على متاعها تاركين وراء ظهورهم ثغورا لطالما سدوها، وفراغات لطالما شغلوها، وأماكن ومفاصل مهمة في صلاح وحماية الشباب لطالما ثبتوا فيها وعليها، وحمى لطالما كانوا أبطالا ورجالا في حمايتها بصد عدوان أعداء الدين، ومنعهم من الالتفاف على شباب الأمة، هكذا هي التربية وكل عمل جليل يفسدها ويفسد أثرها في النفوس طمع الداعين إليها في مغانم الدنيا، واستكثارهم من مالها وعقارها وأراضيها، وقال القرطبى رحمه الله، في تفسير قوله سبحانه وتعالى ” الدنيا ” 

 

وهو يعني الغنيمة، وقال ابن مسعود رضي الله عنه “ما شعرنا أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد، ويقول تعالى كما جاء فى سوة آل عمران ” ومنكم من يريد الآخرة” وهم الذين ثبتوا في مركزهم مع أميرهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه ولم يخالفوا أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم، وإن من أعظم الآثار والمساوئ لترك الرماة ثغورهم وأماكنهم هو التفاف الأعداء على المسلمين، وطعنهم في مقتل ومن ثَم الهزيمةَ الصعبة التي لحقت بالمسلمين، ومقتل كثير من الصحابة رضي الله عنهم تلك هي عاقبة الترك، وإيثار الدنيا على الآخرة، وهكذا الأعمال التربوية عندما تترك ثغورها سيصبح شباب المسلمين لقمة سائغة في أفواه أعداء الدين، وسيتفننون في سبل إضلالهم وإفسادهم. 

 

وستصاب الأمة في مقتل لأن المستهدف هو أعز ما تملكه الأمة هو شبابها الواعد، وسواعدها الفتية، وستكون الهزيمة الساحقة عندها إلا أن يتدارك الله هذه الأمة بخير، فيحيي الضمائر، ويقوى العزائم، ويجدد الإيمان، وتؤثر الآخرة على الدنيا، ولقد شعر الصحابي الجليل عبد الله بن جبير، رضي الله عنه وهو أحد القادة الأفذاذ بالغربة تلفه، وهو يشاهد أصحابه الخمسين ينزلون من ثغورهم رجلا إثر آخر إلا من رحم الله، وقد بلغ به الحزن والأسى مبلغا عظيما، كيف لا؟ وهو يرى الثغور تترك، وإذا القوم قد خلفوا بعدهم فراغا كبيرا، فصاح فيهم بصوت السمع والطاعة والانقياد لأمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” أنسيتم ما قاله لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهكذا المربي في الزمن الصعب، ممن تخلى عنه إخوانه وذووه.

 

وبات وحيدا غريبا، يعمل في ميدان حيوي خصب يعيش اليوم غربة تجعله يشعر بمرارة الحزن والأسى، ويصيبه الهم والغم، لما آل إليه حال شباب الأمة وهو يرى المربين والمصلحين في هذا الميدان الحيوي يتخلون عن ثغورهم طمعا في الدنيا، أو رغبة في الراحة والدعة، فيصيح فيهم بصوت متقطع أنسيتم عهودكم ومواثيقكم؟ أنسيتم حرصكم على شباب المسلمين وبكاءكم على من ضل منهم، وفرحكم بمن أقبل تائبا، وحزنكم بمن نكص على عقبيه؟ كيف الحال بكم وأنتم اليوم من نكص وترك؟ تبكيكم حلقات القرآن، وتوعيات المدارس، ونشاطات الأحياء، يبكيكم شباب الأمة وسواعدها الفتية. 

الدكروري يكتب عن القاسم المشترك في الإفساد 

الدكروري يكتب عن القاسم المشترك في الإفساد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار