الدكروي يكتب عن تهذيب الألفاظ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروي يكتب عن تهذيب الألفاظ
لقد حثنا الإسلام علي حسن الخلق والمعاملة الحسنة الطيبة التي نقتدي بها هدي النبي صلي الله عليه وسلم، ومن حسن الخلق تهذيب الألفاظ وحسن المعاشرة ولطف المعشر والبعد عن السفه ومجانبة ما لا يليق ولا يجمل ولا يسمع لصاحبه في المجالس عيبة ولا تحفظ له زلة ولا سقطة، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما “القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرينا جزءا من النبوة” وإن ذو الأخلاق الفاضلة تجده وقورا رزينا، ذا سكينة وتؤدة، عفيفا نزيها، لا جافيا ولا لعانا، لا صخّابا ولا صياحا، ولا عجولا ولا فاحشا، فيقابل تصرفات الناس نحوه بما هو أحسن وأفضل وأقرب منها إلى البر والتقوى، وأشبه بما يُحمد ويرضى، وإن من أعظم أنواع الخلق الحسن، هو خلق الحياء في الأقوال والأفعال.
وكما قال ابن القيم، فهو أفضلها وأجلها وأعظمها قَدرا، وإن من أفضل الأخلاق وأجملها هو الإيثار وستر العيوب وإبداء المعروف والتبسم عند اللقاء، والإصغاء عند الحديث، والإفساح للآخرين في المجالس، ونشر السلام وإفشاؤه ومصافحة الرجال عند اللقاء والمكافأة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم والإعراض عما لا يعني وعن جهل الجاهل بحلم وحكمة، وهكذا كل تصرف طيب يجعل كبير المسلمين عندك أبا، وصغيرهم ابنا، وأوسطهم أخا، فعلينا أن نتحلى بحسن الخلق وبسط الوجه وحب الآخرين، وما أجمل قول ابن حبان عندما قال، الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد.
وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها، وهكذا فلو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس، لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولا وسيسأل عنها قبل غيرها، وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم ” رواه مسلم، وقد ضرب العلماء مثالا بهذه النوعية من الناس بالغراب، الذي يمر ببستان جميل فيه الثمار والأشجار تجرى من تحتها الأنهار يمر هذا الغراب فلا يخرج من البستان إلا بدودة، أو كالذباب الذي لا يحط إلا على القاذورات فينقل الجراثيم والميكروبات، وهناك من هو كالنحل لا يحط إلا على أطايب الزهر جعلني الله وإياكم منهم.
ويقول الله سبحانه وتعالى ” ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة” هكذا المؤمنون والمؤمنات، يقيمون الصلاة ويحافظون عليها في أوقاتها، ويقيمها الرجال في المساجد، ويحافظون عليها مع إخوانهم في الجماعة، ويسارعون إليها إذا سمعوا المنادي يقول “حي على الصلاة، حي على الفلاح” ويبادرون إليها في جميع الأوقات، والواجب على كل مؤمن أن يراقب الله في ذلك ويحذر مما ابتلي به كثير من الناس من أدائها في البيت، والتخلف عن صلاة الجماعة حتى شابهوا أهل النفاق في ذلك، فيصلي في البيت وقد عافاه الله، وربما أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، إلى أن يقوم للعمل فيصلي، وربما تركها بالكلية، كما قال سبحانه وتعالى فى سورة النساء ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا”