الرحمة والتفاؤل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن الرحمة حتى بالحيوان هي سبب من أسباب رحمة الله تعالى وتأمل هذه المرأة البغي والتي لم تعمل خيرا قط، وهذا الرجل الذي كان يمشي في فلاة، فوجد كلبا يلهث من العطش، وكذلك في الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ” وفي كل ذات كبد رطبة أجر ” وأما القسوة بالعباد وعدم الرحمة بهم، فهي سبب لكل شر وبلاء، وغياب للرحمة من السماء كما قال صلي الله عليه وسلم ” من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله” ولذلك مدح النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أصحابه من بعده بهذه الصفة فقال صلي الله عليه وسلم ” أرحم أمَّتي بأمتي أبو بكر ” رواه الترمذي، وإن مما يجلب الرحمة علي العبد المسلم هو مجالس العلم وحلق القرآن الكريم.
كما قال تعالى في سورة الأعراف ” وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصوا لعلكم ترحمون” وفي صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده” وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه ” أنه كان في عصابة يذكرون الله، فمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءهم قاصدا حتى دنا منهم، فكفوا عن الحديث إعظاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” ما كنتم تقولون؟ فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم، فأحببت أن أشارككم فيها” رواه مسلم، وقد وصف الله تعالى أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
بقوله تعالى في سورة الفتح ” محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم” فتفاءلوا بالخير تجدوه، فكن متفائلا لو أصابك شر ومكروه فإن الله تعالي يقول ” وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” كن متفائلا لو فقدت من تحب فإن الله يقول ” وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون” وكن متفائلا حتى لو كانت الدنيا كلها ضدك فإن الله تعالي يقول “وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله” وكن متفائلا ان اصابك مرض فإن الله يقول “واذا مرضت فهو يشفين” فتفاءل أن تكون غنيا، وتفاءل أن تكون صاحب منصبا، وتفاءل أن ينجح ولدك، وتفاءل أن يشفي مريضك، فتفاءلوا بالخير تجدوه، وصدق من قال يا صاحب الهم إن الهم منفرج، أبشر بخير فإن الفارج الله.
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه، لا تيأسن فإن الكاشف الله، الله يحدث بعد العسر ميسرة، لا تجزعن فإن الصانع الله، وإذا بليث فثق بالله وأرض به، إن الذي يكشف البلوى هو الله، والله مالك غير الله من أحد، فقل في كل أمرٍ حسبي الله، ولكن هل من مقتضيات العدل أن يحاسب المرء على الأفكار الزائفة والمعتقدات الباطلة والسلوكيات المنحرفة التي ربى عليها منذ نعومة أظفاره إن هو اتبعها أو أخذ بها؟ فإننا نجد الجواب على هذا السؤال أنه سيحاسب المرء على ما اعتقد واكتسب، فلقد أودع الله عز وجل فى نفوس كل خلقه جذوة الفطرة، وداعى الخير، ونور العقل، فلا عذر لمن بلغ سن الرشد منهم من إجابة داعي الخير فيه، واتباع نداء فطرته، والسير بنور عقله، فالحق دائما أبلج، والباطل دائما لجلج. الرحمة والتفاؤل