الرئيسيةقصةالطريق إلى الذات
قصة

الطريق إلى الذات

الطريق إلى الذات

 

الطريق إلى الذات

بقلم/ عادل عطيه سعده 

في سكون الليل، حيث النوم يغالب الأجساد تستيقظ الأفكار، وجد نفسه غرقا في بحر من التأملات العميقة. قبل أن تغفو عيناه، بدأ رحلته الداخلية، يستكشف أعماق ذاته، يتأمل مواطن القوة التي تشبه شعاع الشمس في صحراء حياته، ونقاط الضعف التي تُعد دروب لم تُسلك بعد. في تلك اللحظات، أدرك أن الوعي الذاتي هو البوصلة التي تهديه إلى الطريق الصحيح، تتضح الرؤية و  يتبدد الضباب.

تأمل تأثير أفعاله على من حوله، فأدرك أن كل فعل له مردوده، تزين حياته بالعطاء واهتزت بالحياة. سعى جاهدا لتحسين ما يمكن تحسينه، متهما من ملاحظات الأصدقاء ولا عزيزين الذين يرونه من الخارج بعين الصفاء. تذكر كيف أن الحياة علمته درسا قاسيا، فتعلم أن يقرأ المواقف بعمق، ويدير عواطفه بحكمة، ويفهم مشاعر الآخرين بكل إدراك.

في إحدى الليالي، تذكر يوم وقف فيه أمام زملائه في العمل، وكانوا يواجهون تحديا كبيرًا في إنجاز مشروع هام. في تلك اللحظة، شعر بالخوف يتسلل إلى قلبه، لكنه تنفس بعمق، وبدأ يتحدث بثقة، يشرح الخطط ويوزع المهام بطريقة تحفز الجميع. كانت تلك اللحظة نقطة تحول في مشروعه، وأدرك أن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل القدرة على التصرف رغم الخوف.

في كل محادثة، وضع نصب عينيه شعار له: “والإصغاء بوعي”. يتأمل في الرد على المواقف العاطفية بعناية، ويعبر عن مشاعره بصدق دون تزييف أو مجاملة. فلا يتردد في أن يكون نفسه في كل المواقف، يعمل بقيمه ومبادئه دون أقنعة أو تصنع.

تذكر قصة فشل تعرض لها مع فريق العمل، وكيف حولها إلى درس يتعلم منه. عندما قدموا مشروعا كانوا يعتقدون أنه الأفضل، لكنه لم ينل استحسان المدير. في البداية، شعر الإحباط والغضب، لكنه سرعان ما حول هذا الشعور إلى فرصة للتعلم. طلب من المدير ملاحظات صريحة، وعقد جلسة مع فريقه لمناقشة ما حدث. كانت تلك الجلسة مليئة بالحوار البناء والنقد الذاتي، وخرجوا منها بدرر من الدروس حول كيفية تحسين أدائهم وتطوير مهاراتهم.

عندما لا يعرف شيئًا، يقولها بكل وضوح: “لا أعلم”، ثم يبحث عن الجواب بكل عزيمة. هذه الكلمات البسيطة فتحت له أبواب من الاحترام والتقدير من زملائه، وجعلته يستفيد من تجارب الآخرين.

الشجاعة علمته أن يتكلم عندما يسهل الصمت، وأن يتخذ قرارات جريئة حتى في لحظات الخوف. واجه محادثات صعبة كان يتجنبها، وتحدى أسلوب “هكذا اعتدنا” بالتفكير والتجربة. المرونة كانت رفيقه في كل نكسة، فبعد كل عثرة، يدون ثلاث دروس تعلمها، ويصنع طقوس يحتفل بنهاية الأيام الصعبة، كالمشي تحت ضوء القمر الذي يرسم له طريقها جديدا.

في نهاية اليوم، يشعر بالسلام يغمرها، لأنه عاش وفق قيمه، باحثا عن التحسين المستمر، واثقا بأن قيادة الذات تبدأ من الداخل، فتكون حياته لوحة فنية متكاملة من القيم والعمل. هكذا، يجد نفسه في كل ليلة، مستعدا لمواجهة يوم جديد، بقلب مليء بالسلام، ونفس تزداد قوة وعزيمة. القيادة الحق تبدأ من الداخل، ومن أعماق النفس تنبع الإرادة الحق للتغيير والتحسين.

ابتسم وهو يتأمل النجوم في السماء، عارف أن الطريق طويل، لكنه مستعد لكل خطوة، بثقة في نفسه وفي قدرته على تحقيق أحلامه.

الطريق إلى الذاتالطريق إلى الذات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *