الغيبة أخطر آفة تدمر المجتمع
بقلم
عبادى عبدالباقى قناوى
الجزء الثاني
المقدمة :-
الغيبة :-
هي ذكر الإنسان لأخيه بما يكرهه ، كما جاء في الحديث :-
الغيبة ذكرك أخاك بما يكره.
رواه مسلم .
والغيبة لا تكون إلا بتعيين الشخص المتكلم عنه،
أو الإبهام به،
مع معرفة السامعين له؛
لأن معرفتهم حينئذ،
تنزل منزلة التعيين .
وأما الحديث عن الشخص المجهول فإنه لا يعتبر غيبة؛
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :-
ما بال أقوام قالوا كذا وكذا…
متفق عليه.
ولذلك، فإن ذكر تفاصيل حياة الشخص المعين بما يكره ذكره منها ، لا يجوز ،
إلا إذا كان مبهما بحيث لا يعرفه السامعون .
أولاً :-
بواعث انتشارا الغيبة :-
١- كراهيته الباطنة لمن يغتاب،
مع عدم رغبته بإظهار كراهيته؛
لئلا تتحول إلى عداوة ظاهرة .
٢- المنافسة التي ولدت حسدا، و الحسود لا يحب أن يعرف عنه الحسد .
٣- الرغبة بأن يبرر المغتاب في نظر الناس ما عرفوه عنه من معايب وقبائح ، فإذا ذكر أمامهم من يحترمونه بأن له من العيوب والقبائح مثل عيوبه وقبائحه، خف إنكارهم عليه.
٤- تشفي الغيظ، بأن يجري من إنسان في حق آخر سبب بهيج غيظه، فكلما هاج غضبه تشفى بغيبة صاحبه .
٥- موافقة الأقران ومجاملة الرفقاء، ومساعدتهم على الغيبة،
فإنه يخشى إن أنكر عليهم أن يستثقلوه .
٦- إرادة رفع نفسه بتنقيص غيره ، فيقول :-
فلان جاهل وفهمه ركيك .
٧- اللعب والهزل،
فيذكر غيره بما يضحك له على سبيل المحاكاة .
٨- كثرة الفراغ،
والشعور بالملل والسأم، فيشتغل بالناس وأعراضهم وعيوبهم .
٩- التقرب لدى أصحاب الأعمال ، والمسئولين عن طريق ذم العاملين معه،
ليرتقي لمنصب أفضل،
أو ليقال عنه مواظب.
١٠- الظهور بمظهر الغضب لله على من يرتكب المنكر،
فيظهر غضبه ويذكر اسمه،
مثل أن يقول:-
فلان لا يستحيي من الله يفعل كذا وكذا،
ويقع في عرضه الغيبة .
١١- إظهار الرحمة والتصنع بمواساة الآخرين،
كأن يقول لغيره من الناس :-
مسكين فلان قد غمني أمره
وما هو فيه من المعاصي.
١٢- ضعف التربية الإيمانية،
وعدم التنبه لعظمة من تعصي .
١٣- جهل المغتاب بحكم الغيبة، وعواقبها الوخيمة والسيئة ،
التي تورث غضب الله وسخطه .
١٤- تنشئة الفرد تنشئة سيئة بعيدة عن الأخلاق والتعاليم الإسلامية .
١٥- صحبة الأشرار،
الذين هم بعيدون عن الآداب الإسلامية السليمة فالمرء على دين خليله .
١٦- حضور المجالس والتجمعات التي تخلو من ذكر الله،
ويكثر فيها الغيبة والنميمة.
١٧- الطمع وحب الدنيا والحرص عليها .
ثانيا :-
العلاج من الغيبة :-
يمكن علاج الغيبة بعدة وسائل،
وهي :-
١- تذكر المغتاب غضب الله سبحانه وتعالى،
وأن الغيبة من عظائم الذنوب،
حيث نفر منها بقوله سبحانه وتعالى :-
«وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ»؛
فشبّه الله تعالى المغتب بمن يأكل لحم أخيه جيفة أي وهو ميت .
٢- نظر المغتاب إلى عيوب نفسه، فيدرك أنّها ليست سليمة من الأخطاء والعيوب،
ثم يضع نفسه مكان الطرف المقابل ويرى
هل يرضى على نفسه
أن يغتابه غيره؟؛
إذا سيتوقف المغتاب عن هذا الفعل بعد أن يعرف أن هذا الشعور يترتب عليه عدم راحة .
٣- الصحبة الصالحة ومجالسة أهل الخير ،
فهم يتجنبون الحديث عن عرض أحد أو عيوبه،
فيكون الحديث فقط بما يرضى الله تعالى .
٤- معالجة النفس من الغيبة من خلال التصدق عن كل غيبة بمقدار محدد من المال،
أو صيام يوم مقابلها .
٥- التذكر بأن الغيبة تحبط الحسنات وتمحوها .
ثالثا :-
الأعذار المرخصة في الغيبة :-
الأول:-
التظلم
فالمظلوم له أن يتظلم إلى السلطان إذ لا يمكنه استيفاء حقه إلا به
قال عليه الصلاة والسلام :-
( إن لصاحب الحق مقالاً )
الثاني :-
الاستعانة على تغير المنكر :-
ورد العاصي إلى منهج الصلاح . الثالث:-
الاستفتاء :-
كما يقول للمفتي:-
ظلمني أبي أو زوجتي أو أخي
فكيف طريقي في الخلاص ؟
الرابع :-
تحذير المسلم من الشر :-
فإذا رأيت فقهياً يتردد إلى مبتدع أو فاسق وخفت أن تتعدى إليه بدعته وفسقه
مهما كان الباعث لك الخوف عليه من سراية البدعة والفسق
لا غيره.
الخامس:-
أن يكون الإنسان معروفاً بلقب يعرب عن عيبه :-
كالأعرج, والأعمش
فلا إثم على من
يقول:-
روى أبو الزناء عن الأعرج وسلمان عن الأعمش.
السادس:-
أن يكون مجاهراً بالفسق:-
كالمخنث وصاحب المخور والمجاهر بشرب الخمر
بحيث لا يستنكف من أن يذكر به فإذا ذكرت فيه ما يتظاهر به فلا إثم عليك.
نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا من آفة الغيبة واهلها .
الغيبة أخطر آفة تدمر المجتمع