الفتنة والعذاب في القبر وحياة في البرزخ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الفتنة والعذاب في القبر وحياة في البرزخ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصلاة، ويا معرضا عن القرآن، ويا متهتكا في حدود الله، ويا ناشئا في معاصي الله، ويا مقتحما لأسوار حرمها الله آلان تتوب بعد أن تموت، أين أنت قبل ذلك ؟ فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وفي ليلة من الليالي نام هو الصحابة، وكانوا في غزوة في سبيل الله، فقال ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قمت أخر الليل فنظرت إلى فراش الرسول صلى الله عليه وسلم فلم أجده في فراشه، فوضعت كفي على فراشه فإذا هو بارد، وذهبت إلى فراش أبي بكر فلم أجده على فراشه.
فألتفت إلى فراش عمر فما وجدته، قال وإذا بنور في أخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبت إلى ذلك النور ونظرت، فإذا قبر محفور، والرسول صلى الله عليه وسلم قد نزل في القبر وإذا جنازة معروضة وإذا ميت قد سجي في الأكفان، وأبو بكر وعمر حول الجنازة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر وعمر دليا لي صاحبكما، فلما أنزلاه، نزله صلى الله عليه وسلم في القبر، ثم دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم التفت إلى القبلة ورفع يديه وقال “اللهم إني أمسيت عنه راضي فأرض عنه، اللهم إني أمسيت عنه راضي فأرض عنه” قال قلت من هذا ؟ قالوا هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أول الليل، قال ابن مسعود فوددت والله أني أنا الميت ” اللهم إني أمسيت عنه راض فأرض عنه” وإذا رضي الله عن العبد أسعده.
ولكن هل هناك عذاب في القبر؟ وهو أن عقيدة أهل السنة والجماعة أن هناك فتنة وعذابا في القبر وحياة في البرزخ، كما أن فيه نعيما وراحة بحسب حال الميت ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى عن آل فرعون “النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب” فبيّن الله تعالى أن آل فرعون يعرضون على العذاب صباحا ومساء مع أنهم ماتوا، ومن هذه الآية أثبت العلماء عذاب القبر، وقال ابن كثير رحمه الله “وهذه الآية أصل كبير في إستدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور وهي قوله تعالى ” النار يعرضون عليها غدوا وعشيّا” وفي حديث السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة فيقول.
” اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم” رواه البخاري ومسلم، والشاهد من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من عذاب القبر وهو من أدلة إثبات عذاب القبر ولم يخالف في إثبات عذاب القبر إلا المعتزلة وطوائف أخرى لا يعبأ بخلافهم، ولكن كيف نفسر حديث مخاطبة النبي لأجساد المشركين يوم بدر؟ وأما حديث مخاطبة النبي صلي الله عليه وسلم لأجساد المشركين يوم بدر فيحمل على حال مخصوصة وهي أن الله تعالي أحياهم لنبيه صلى الله عليه وسلم ليخزيهم وليريهم الذلة والصغار، فعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال “هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول” رواه البخاري ومسلم.